الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص208
وإن لم يذكر القاضي ذلك وأحضره المدعي خطه فقد ذكرنا أنه لا يجوز أن يحكم بخطه إذا لم يذكره .
فإن أحضره المدعي شهودا يشهدون عنده بما ثبت من حقه على خصمه فلذلك ضربان :
أحدهما : أن يشهد الشهود عنده أن المدعى عليه أقر عنده لهذا المدعي بكذا ، سمع القاضي هذه الشهادة ، لأنها شهادة على إقرار المدعى عليه ، وليست بشهادة على حكم القاضي وهذا متفق عليه .
والضرب الثاني : أن يشهد الشهود عنده أنه حكم لهذا المدعي على خصمه بكذا لثبوت ذلك عنده بما ذكره من إقرار أو بينة فيشهدون عنده بحكمه فقد اختلف الفقهاء فيه .
فمذهب الشافعي أنه لا يجوز للقاضي أن يسمع البينة على حكم نفسه وبه قال أبو يوسف .
وقال أبو حنيفة ومحمد وهو مذهب ابن أبي ليلى :
ويجوز للقاضي أن يسمع البينة على حكم نفسه كما يسمعها على حكم غيره .
استدلالا بأن رسول الله ( ص ) سمع قول ذي اليدين أنه سلم من ركعتين ، واستشهد أبا بكر وعمر على ما قاله ذو اليدين فصدقاه ، فلم يمتنع من قبول شهادتهما على فعل نفسه ، فكان من عداه من الحكام بقبول الشهادة أحق .
ولأنه إجماع الصحابة ، لما رواه حميد عن أنس قال : بعث أبو موسى الأشعري بالهرمزان إلى عمر رضي الله عنه ، حين نزل على حكمه ، فلما قدم الهرمزان عليه سكت ، فقال له عمر : تكلم ، فقال : أكلام حي أم كلام ميت ؟ فقال له عمر : تكلم فلا بأس عليك فقال : ‘ نحن وأنتم معاشر العرب حيث خلا الله بيننا وبينكم كنا نستعبدكم فلما كان الله معكم فليس لنا بكم يدان فأمر عمر بقتله ، فقال له أنس : كيف تقتله وقد قلت له لا بأس عليك ؟ فقال عمر لأنس : ‘ من يشهد معك ؟ ‘ فشهد معه الزبير ، فقبل شهادتهما ، وأطلقه آمناً ، وفرض له في العطاء ، وكان هذا بمشهد من أعيان الصحابة ، فلم ينكر أحد منهم على عمر سماعه للشهادة على قوله ، فدل على إجماعهم على جوازه .
وقد أجاز المسلمون مثل ذلك في روايات السنن المشروعة : روى ربيعة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ‘ أن رسول الله ( ص ) قضى باليمين مع الشاهد ‘ ونسي سهيل الحديث ، فقال له ربيعة : أنت حدثتني به فكان سهيل يقول :