الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص188
إثبات حكم على خصم بقول غيره فصار هو الحق المطلوب ، وقد مضى الكلام على ما استدل به في الترجمة .
ولا تقبل شهادة النساء في التعديل والجرح وإن شهد شهود الأصل بما تقبل فيه شهادة النساء من الأموال أو الولادة أو عيوب النساء .
وقبلها أبو حنيفة بناء على أصله في أن الجرح والتعديل خبر وليس بشهادة .
ونحن نحمله على أصلنا في أنها شهادة وليست بخبر ثم هي شهادة بغير المال فلم تقبل شهادتهن فيه وإن قبلته في الأموال .
فإذا ثبت أنها شهادة محضة يحكم فيها بشهادة شاهدين فقد اختلف أصحابنا : هل يحكم القاضي في تعديلهم وجرحهم بأصحاب مسائله ؟ أو بمن عدلهم وجرحهم من جيرانه وأهل الخبرة بهم ؟ على وجهين :
أحدهما : أن أصحاب مسائله هم الشهود عند بالتعديل والجرح ، وهم المتحملون عن الجيران وأهل الخبرة ما ذكروه من التعديل والجرح .
وهذا هو الظاهر من مذهب الشافعي ، وقول الأكثرين من أصحابه .
فعلى هذا يجوز أن يكون ما يسمعه أصحاب المسائل من الجيران وأهل الخبرة بلفظ الخبر دون الشهادة ؛ لأن الشهادة مختصة بالحكام .
ولا يعتبر فيهم العدد .
ويعتبر أن يقع في نفوس أصحاب المسائل صدق المخبر فيما ذكره من تعديل وجرح فربما وقع في نفسه صدق الواحد فجاز أن يقتصر عليه وربما ارتاب بالاثنين فلزمه أن يستزيد .
ويجوز لأصحاب المسائل أن يسألوا الجار : من أين علمت تعديله وجرحه ؟ ولا يجوز للحاكم أن يسأل أصحاب المسائل من أن علمتم الجرح والتعديل ؟ .
والوجه الثاني : وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي .
أن الذي يشهد بالتعديل والجرح هم من عرفهما من الجيران وأهل الخبرة ، ويكون أصحاب مسائله رسلهم فيها ؛ لأن الشهادة بذلك مسموعة من أهل المعرفة الباطنة ، وهم الجيران وأهل الخبرة دون أصحاب المسائل ، ولأن شهادة أصحاب المسائل كالشهادة على الشهادة ، وهي لا تسمع مع القدرة على شهود الأصل .