الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص174
فقال مالك : إن حكم بالشفعة للجار نقض حكمه . وقال أبو حنيفة : إن حكم بالقرعة بين العبيد نقض حكمه وإن حكم بجواز بيع ما لم يذكر اسم الله عليه عند ذبحه نقض حكمه .
وقال محمد بن الحسن : إن حكم بالشاهد واليمين نقض حكمه .
وهذا المذهب مع استبعاده متناقض .
والدليل على فساده قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) [ النساء : 59 ] . يعني إلى حكم الله وحكم الرسول .
وقال النبي ( ص ) : ‘ ردوا الجهالات إلى السنن ‘ .
وقال ( ص ) : ‘ من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد ‘ .
ولأن عمر بن الخطاب عدل عن اجتهاده في دية الجنين حين أخبره حمل بن مالك أن النبي ( ص ) قضى فيه بغرة عبد أو أمة .
وكان لا يورث امرأة من دية زوجها حتى روى له الضحاك بن سفيان أن النبي ( ص ) ورث امراة أشيم الضبابي من دية زوجها ، فورثها عمر .
وكان يفاضل بين ديات الأصابع حتى روي له أن النبي ( ص ) قال : ‘ وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل ‘ .
وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري في عهده إليه : لا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك ، أن ترجع إلى الحق ، فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل .
وهذه كلها آثار لم يظهر لها في الصحابة مخالف فكانت إجماعا .
ولأن الكتاب والسنة أصل للإجماع ، لأنه لا يجوز أن ينعقد على ما خالف نص الكتاب أو السنة فلما نقض حكمه بمخالفة الإجماع كان نقضه بمخالفة الكتاب والسنة أولى .
ووضوح فساد هذا القول يغني عن استيفاء أدلته .
قال الماوردي : وجملة ذلك أن القاضي إذا تقلد عملا لم يجب عليه أن يتعقب أحكام من قبله ولا يتتبعها لأمرين :