پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص166

منها : أنه قال في المتعة ‘ واستحسن بقدر ثلاثين درهما ‘ وقال في الشفعة : ‘ إنه يؤجل ثلاثا وذلك استحسان مني وليس بأصل ‘ ، وقال في إيمان الحكام : ‘ وقد رأيت بعض الحكام يحلف بالمصحف ، وذلك عندي حسن ‘ وقال في الأذان : ‘ حسن أن يضع إصبعيه في صماخي أذنيه ‘ .

قيل : لم يقل الشافعي ذلك بمجرد الاستحسان ، وإنما قاله لدليل اقترن به :

أما استحسانه المتعة بقدر ثلاثين درهما فلأن ابن عمر قاله ، ومذهبه في القديم : أن الصحابي إذا انفرد بقول لم يظهر خلافه فهو حجة .

وأما استحسانه الشفعة أن يؤجل ثلاثا فلأن الناس قد أجمعوا على تأجيله في قريب الزمان في مبيته بقية ليلته وإمهاله لزمان أكله وشربه ولباسه فجعل القريب مقدرا بثلاثة أيام ، لقوله تعالى : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ) [ هود : 65 ] فجعلها حدا للقرب .

وأما استحسانه للحاكم أن يحلف بالمصحف فلأن الأيمان قد تغلظ في كثير الأموال فجاز أن تغلظ بالمصحف الموجب للكفارة لما فيه من فضل الخوف والتحرج .

وأما استحسانه أن يضع إصبعيه في صماخي أذنيه فلأن بلالا كان يفعله بمشهد رسول الله ( ص ) ، ولأنه أمد لصوته .

فلم يخل ما استحسنه من دليل اقترن به .

والاستحسان بالدليل معمول عليه وإنما ننكر العمل بالاستحسان إذا لم يقترن به دليل .

( تقسيم الشافعي للقياس )
( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ والقياس قياسان أحدهما أن يكون في معنى الأصل فذلك الذي لا يحل لأحد خلافه والآخر أن يشبه الشيء الشيء من أصل ويشبه الشيء من أصل غيره فيشبهه هذا بهذا الأصل ويشبهه الآخر بأصل غيره وموضع الصواب في ذلك عندنا أن ينظر فإن أشبهه أحدهما في خصلتين والآخر في خصلة ألحقه بالذي أشبهه في الخصلتين ‘ .

قال الماوردي : قد قدمنا من أقسام القياس ما أقنع وأوضحنا من أمثلته ما كفى .

فأما قول الشافعي هاهنا ‘ والقياس قياسان ‘ ففي تأويله وجهان :

أحدهما : وهو الظاهر من كلامه ، أنه أراد بالأول قياس المعنى وبالثاني قياس الشبه .