الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص124
أحدهما : لا يجوز لغيره ممن ليس من أهل الاجتهاد أن يقلد فيه لوجود ما هو أقوى منه فعلى هذا لا يلزم المجتهد إذا قدم على الرسول أن يسأله عما اجتهد فيه ولا يجوز أن يعمل به في المستقبل حتى يسأل إن حضر .
والوجه الثاني : يجوز لغيره أن يقلده كما يجوز أن يقلد العالم وإن وجد من هو أعلم منه فعلى هذا يلزم المجتهد إذا قدم على الرسول أن يسأله عما اجتهد فيه لئلا يصير مشرعا بغير أصل .
والقسم الثاني : أن يكون المجتهد حاضرا في مدينة الرسول ( ص ) وغائبا عن مجلسه .
فإن رجع في اجتهاده إلى أصل من كتاب أو سنة صح وجاز أن يعمل به ويفتي قد سأل العجلاني بعض الصحابة [ بالمدينة ] عن قذف امرأته بين أسماء فقال له : حد في جنبك إن لم تأت بأربعة شهداء ، ثم سأل رسول الله ( ص ) فأخبره بما قيل له فتوقف حتى نزلت عليه آية اللعان ، ولم ينكر على العجلاني سؤال غيره ، ولا أنكر على من أجابه مع حضوره .
وإن لم يرجع المجتهد إلى أصل من كتاب ولا سنة فقد جوز بعض أصحابنا اجتهاده وأنكره بعضهم .
ولا يعجبني واحد من القولين على الإطلاق .
والذي أراه أنه يصح اجتهاده في المعاملات ولا يصح اجتهاده في العبادات لأن العبادات تكليف يتوقف على الأوامر بها والمعاملات تخفيف تعتبر النواهي عنها .
والقسم الثالث : أن يكون المجتهد حاضرا في مجلس الرسول ( ص ) فاجتهاده معتبر بأمر الرسول .
فإن أمره رسول الله ( ص ) بالاجتهاد صح اجتهاده كما حكم ( ص ) سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم بقتل من جرت عليه المواسي واسترقاق من لم تجر عليه فقال رسول الله ( ص ) هذا حكم من فوق سبعة أرقعة .
وإن لم يأمره بالاجتهاد لم يصح اجتهاده إلا أن يعلم به فيقره عليه فيصير بإقراره عليه صحيحا كما قال أبو بكر بحضرة الرسول ( ص ) في سلب القتيل وقد حصل مع غير قاتله : ‘ لا هاء الله إذا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فنعطيك سلبه ‘ . فأقره رسول الله ( ص ) على هذا القول فصح اجتهاده حين أقره عليه .
وقد اضطربت أجوبة أصحابنا في هذا الموضع ، والأصح عندي ما ذكرناه .