الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص120
وإذا كان كذلك كان معرفة لسان العرب فرضا على كل مسلم من مجتهد وغير مجتهد .
إلا أن غير المجتهد يلزمه من فرضه ما اختص بتكليفه من الشهادتين وما تتضمن الصلاة من القراءة والأذكار ولا يلزمه معرفة ما عداه إلا بحسب ما يتدرج إليه في نوازله وأحكامه .
قال الشافعي ‘ على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده في أداء فرضه كما عليه أن يتعلم الصلاة والأذكار ‘ .
وأسقط أبو حنيفة معرفة لسان العرب في حقوق المكلفين ، لأنه يبيح القراءة والأذكار بغير العربية .
فأما المجتهد فيلزمه في حقوق الاجتهاد أن يكون عارفا بلسان العرب .
فإن قيل : فلسان العرب لا يحيط بعلم جميعه واحد من العرب فكيف يلزم المجتهد أن يكون محيطا بلسان العرب .
قيل : لسان العرب وإن لم يحط به واحد من العرب فإنه يحيط به جميع العرب ، والذي يلزم في حق المجتهد أن يكون محيطا بأكثره ليرجع فيما عزب عنه إلى غيره أن جميع السنة لا يحيط بها واحد من العلماء وإنما يحيط بها جميع العلماء .
وإذا كان المجتهد محيطا بأكثرها صح اجتهاده ليرجع فيما عزب عنه إلى من علم به .
فإذا تكاملت هذه الشروط الأربعة في المجتهد صح اجتهاده .
فإن قصد بالاجتهاد العلم صح اجتهاده ، ولم تكن العدالة شرطا فيه .
وإن قصد به الحكم أو الفتيا كانت العدالة شرطا في نفوذ حكمه وقبول فتياه وإن لم تكن شرطا في صحة اجتهاده .
وأما المجتهد في حكم خاص فصحة اجتهاده معتبرة بما يجتهد فيه .
فإن كان اجتهاده في القبلة إذا خفيت عليه كان الشرط في صحة اجتهاده صحة البصر ومعرفة دلائل القبلة .
وإن كان اجتهاده في العدالة والجرح كانت صحة اجتهاده معتبرة بأسباب الجرح والتعديل وما يراعي من غلبة أحدهما على الآخر في الصغائر وتغليب الحكم في الكبائر .