الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص118
وزعم ابن أبي هريرة أن الاجتهاد هو القياس ونسبه إلى الشافعي من كلام اشتبه عليه في كتاب الرسالة .
والذي قاله الشافعي في هذا الكتاب : أن معنى الاجتهاد معنى القياس .
يريد به أن كل واحد منهما يتوصل به إلى حكم غير منصوص عليه .
والفرق بين الاجتهاد والقياس : أن الاجتهاد هو ما وصفناه من أنه طلب الصواب بالأمارات الدالة عليه ، والقياس هو الجمع بين الفرع والأصل لاشتراكهما في علة الأصل ، فافترقا ، غير أن القياس يفتقر إلى اجتهاد ، وقد لا يفتقر الاجتهاد إلى القياس على ما سنوضحه فلذلك جعلنا الاجتهاد مقدمة للقياس .
والدليل على أن الاجتهاد له أصل يعتمد عليه في أحكام الشرع : أن النبي ( ص ) قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ‘ بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله قال : فإن لم تجد ؟ قال : بسنة رسول الله . قال : فإن لم تجد ؟ قال أجتهد رأيي . فقال النبي ( ص ) : ‘ الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ، فدل على أن الاجتهاد عند عدم النص أصل في أحكام الشرع .
وإذا كان كذلك فالكلام في الاجتهاد يشتمل على أربعة فصول :
أحدها : فيمن يجوز له الاجتهاد .
والثاني : في وجوه الاجتهاد .
والثالث : فيما يجب بالاجتهاد .
والرابع : في حكم الاجتهاد .
فأما الفصل الأول : فيمن يجوز له الاجتهاد فضربان :
أحدهما : مجتهد في عموم الأحكام .
والثاني : مجتهد في مخصوص منها .
المجتهد في جميع الأحكام :
فأما المجتهد في جميع الأحكام ، فالمعتبر في جواز اجتهاده أربعة شروط :
أحدها : إشرافه على نصوص الكتاب والسنة فإن قصر في أحدها لم يجز أن يجتهد .
والثاني : علمه بوجوه النصوص في العموم والخصوص والمفسر والمجمل