الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص115
أحدها : أن يحدث الخلاف بعد تقدم الإجماع في عصر واحد ، مثل أن يتقدم إجماع الصحابة ثم يحدث من أحدهم خلاف ، فهذا الخلاف الحادث مانع من انعقاد الإجماع ، كما أظهر ابن عباس خلافه في العول بعد موت عمر وارتفع بخلافه انعقاد الإجماع في العول وكالذي رجع عنه علي في بيع أمهات الأولاد فارتفع برجوعه الإجماع .
والقسم الثاني : أن يحدث الإجماع بعد تقدم الخلاف في عصر واحد ، فهذا الإجماع الحادث يرفع الخلاف المتقدم كاختلاف الصحابة في قتل مانعي الزكاة ثم وافقوا أبا بكر عليه بعد تقدم خلافهم له ، فيرتفع الخلاف بالإجماع .
وفي هذا الإجماع وجهان :
أحدهما : أنه أوكد من إجماع لم يتقدمه خلاف ، لأنه يدل على ظهور الحق بعد التباس .
والوجه الثاني : أنهما سواء ؛ لأن الحق مقترن بكل واحد منهما .
والقسم الثالث : أن يحدث الخلاف بعد تقدم الإجماع في عصرين مختلفين كإجماع الصحابة وخلاف التابعين لهم فهو على ضربين :
أحدهما : أن يخالفوهم مع اتفاق الأصول في المجمع عليها ، فهذا الخلاف الحادث مطرح والإجماع المتقدم منعقد ، لأن حجة الإجماع قاهرة .
والضرب الثاني : أن يحدث في المجمع عليه صفة زائدة أو ناقصة فيحدث الخلاف فيها بحدوث ما اختلف من صفاتها فيكون الإجماع في الصفات منعقدا وحدوث الاختلاف في الصفات المختلفة سائغا عند الشافعي وأكثر الفقهاء .
وذهب داود وطائفة من أهل الظاهر إلى استصحاب حكم الإجماع فإن اختلاف الصفات الحادثة لا يبيح اختلاف الحكم فيها إلا بدليل قاطع ، وجعلوا استصحاب الحال حجة في الأحكام ، ومثال هذا أن ينعقد الإجماع على إبطال التيمم برؤية الماء قبل الصلاة فإذا رأوه في الصلاة أبطلوا تيممه استصحابا لبطلانه قبل الصلاة ، من غير أن يجمعوا بينهما بقياس كما لو استيقن الطهر وشك في الحدث وجب أن يستصحب حكم اليقين ويلغي حكم الشك .
وهذا فاسد ، ولكل حال تجددت حكم توقف على الدليل ، يجوز أن يكون مساويا ، ويجوز أن يكون مخالفا ، ويكون الإجماع حجة في الحال التي ورد فيها ، ولا