الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص112
فأما كونه حجة تلزم العمل بها فمعتبر بما يوافقه من قياس أو يخالفه .
وله أربعة أحوال :
أحدها : أن يكون القياس موافقا لقول الصحابي فيكون قول الصحابي حجة بالقياس .
والحالة الثانية : أن يكون القياس مخالفا لقول الصحابي فالعمل بالقياس الجلي أولى من قول الصحابي إذا تجرد عن قياس جلي أو خفي .
والحالة الثالثة : أن يكون مع قول الصحابي قياس جلي ويخالفه قياس خفي فقول الصحابي مع القياس الجلي أولى .
والحالة الرابعة : أن يكون مع قول الصحابي قياس خفي ويخالفه قياس جلي :
فمذهب الشافعي في القديم : أن قول الصحابي مع القياس الخفي أولى وألزم من القياس الجلي لأن الصحابة أهدى إلى الحق .
ثم رجع عنه في الجديد وجعل القياس الجلي أولى بالعمل من قول الصحابي مع القياس الخفي لأنهم قد كانوا يتحاجون بالقياس حتى قال ابن عباس : ‘ ألا لا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا ‘ ، وإذا لزمهم العمل بالقياس كان لغيرهم ألزم .
وأما الفصل الثالث فيما يستقر به الإجماع : فمعتبر بأربعة شروط :
أحدها : العلم باتفاقهم عليه سواء اقترن بقولهم عمل أو لم يقترن .
ومنع بعض الناس من استقرار الإجماع بمجرد القول حتى يقترن به عمل لأن العمل تحقيق القول .
وهذا لا وجه له ؛ لأن حجج الأقوال أوكد من حجج الأفعال ، وإن كان كل واحد منهما إذا انفرد حجة فلم يلزم اجتماعهما إذا لم يختلفا .
فإن تجرد الإجماع في القول عن عمل يخالفه أو يوافقه كان القول إجماعا .
وإن تجرد الإجماع في العمل عن قول يوافقه أو يخالفه كان العمل إجماعا .
فإن أجمعوا على القول واختلفوا في العمل بطل الإجماع إن لم يكن لاختلافهم في العمل تأويل .
وإن أجمعوا على العمل واختلفوا في القول بطل الإجماع إن لم يكن لاختلافهم في القول تأويل لما يلزم من اتفاقهم في القول والعمل .