الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص69
ويجيء على مذهب من قال بوقف المحتمل بجعل هذا موقوفا لأنه محتمل .
وأما القسم الثالث الجامع للنفي والإثبات فيشتمل على ثلاثة أنواع :
أحدهما : الاستثناء .
والثاني : الشرط .
والثالث : الغاية .
فأما النوع الأول وهو الاستثناء : فالمعتبر في ثبوت حكمه ثلاثة أشياء :
أحدها : أن يرجع إلى أصل يبقى منه بعد الاستثناء بعضه وإن قل ، وإن رفع جميعه لم يصح ، لأنه يصير نسخا ، ويثبت حكم الأصل ويبطل حكم الاستثناء .
والثاني : أن يكون الاستثناء من جنس الأصل ليصح به خروج بعضه .
فإن عاد إلى غير جنسه صح على مذهب الشافعي في المعنى دون اللفظ .
وأجاز قوم في اللفظ والمعنى . وأبطله آخرون في اللفظ والمعنى .
وبيان ما ذهب إليه الشافعي في جوازه في المعنى دون اللفظ هو كقوله : له علي ألف درهم إلا دينارا فلا يجعل لفظ الدينار استثناء من لفظ الدراهم لأنه لا يجانسها وإنما تجعل قيمته مستثناة من الدراهم ، لأنه لا ينافيها فصار الاستثناء في المعنى دون اللفظ .
والثالث : أن يتعلق على الاستثناء ضد حكم الأصل فإن كان الأصل إثباتا صار الاستثناء نفيا ، وإن كان الأصل نفيا صار الاستثناء إثباتا .
وإن عاد الاستثناء إلى جمل مذكورة تقدمته يمكن أن يعود إلى جميعها ويمكن أن يعود إلى بعضها فمذهب الشافعي أنه يعود إلى جميعها ما لم يخصه دليل كقول الله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية إلى قوله : ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) [ المائدة : 36 ] فكان ذلك راجعا إلى جميع ما تقدم من القتل والصلب والقطع والنفي .
وقال أبو حنيفة : يرجع إلى أقرب مذكور إلا أن يعمه دليل كقوله تعالى : ( فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ) [ النساء : 92 ] فرجع ذلك إلى أقرب مذكور وهو الدية دون الكفارة .
وكذلك ما اختلفا في قوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة