الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص61
في العلم بها ، ويثابوا على الاستنباط لها . كذلك جعل منها مفسرا جليا ، وجعل منها مجملا خفيا .
وإذا كان كذلك فالمجمل ضربان :
أحدهما : أن يقع الإجمال في الاسم المشترك والضرب الثاني أن يقع الإجمال في الحكم المبهم .
فأما الإجمال في الاسم المشترك فمثل القرء ينطلق على كل واحد من الحيض والطهر ، والشفق ينطلق على كل واحد من الحمرة والبياض ، والذي بيده عقدة النكاح ينطلق على كل واحد من الأب والزوج .
فإن اقترن بأحدهما بينة أخذ به ، وإن تجرد عن بينة واقترن به عرف عمل عليه .
وإن تجرد عن بينة وعرف وجب الاجتهاد في المراد منهما وكان من خفي الأحكام التي وكل العلماء فيها إلى الاستنباط فصار داخلا في المجمل لخفائه وخارجا منه لإمكان استنباطه .
وأما الإجمال في الحكم المبهم : فضربان :
أحدهما : ما كان إجماله في لفظه كقوله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) [ البقرة : 43 – النساء : 77 – النور : 56 – المزمل : 20 ] ( وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام : 141 ] .
والثاني : كما كان إجماله بغيره .
مثاله من القرآن قوله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) [ البقرة : 275 ] والربا صنف من البيوع صار به الباقي من البيوع مجملا على قول كثير من أصحابنا ، وإن قال بعضهم هو عموم خص منه الربا .
ومثاله من السنة قول النبي ( ص ) : ‘ الصلح جائز إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ‘ وكلا الضربين مجمل يفتقر إلى بيان يفهم به المراد .
فإن قيل : أفيلزم التعبد به قبل بيانه ؟ قيل : نعم قد بعث رسول الله ( ص ) معاذا إلى اليمن وقال له : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وإني رسول الله فإن أجابوك فأعلمهم أن في أموالهم حقا يؤخذ من أغنيائهم ويرد على فقرائهم ، فتعبدهم بالتزام الزكاة قبل بيانها .
وفي كيفية تعبدهم بالتزامه وجهان :
أحدهما : أنهم يتعبدون قبل البيان بالتزامه مجملا وبعد البيان بالتزامه مفسرا .
وإذا كان كذلك فالبيان يختلف باختلاف المجمل وهو ضربان :