الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص23
والثاني : أن يعلم المولى من نفسه أنه مستكمل للشروط المعتبرة في القضاء فإن علم أنه لم يستكملها لم يصح قبوله وكان بالقبول مجروحا .
وإن كان غائبا جاز أن يكون قبوله على التراخي .
فإن شرع في النظر قبل القبول فهل يكون شروعه فيه قبولا ؟ على وجهين :
أحدهما : يكون قبولا كالنطق فعلى هذا تكون أحكامه نافذة .
والوجه الثاني : لا يكون قبولا حتى يصرح بالقبول نطقا لأن الشروع في النظر فرع لعقد الولاية فلم يفقد به قبولها ، فعلى هذا تكون أحكامه مردودة .
وأما الشرط الثالث وهو لزوم العقد : فهو معتبر في لزومه لأهل العمل وليس بشرط في لزومه للمولي والمولى لأنه في حقهما من العقود الجائزة دون اللازمة لأنها استنابة كالوكالة . ولا يلزم في حق المستنيب ولا في حق المستناب .
ويجوز للمولي أن يعزله إذا شاء .
والأولى بالمولي أن لا يعزله إلا من عذر .
وأن لا يعزل المولى نفسه إلا لعذر .
فإن كان العزل من المولي إشاعة حتى لا ينظر المولى بعد العزل فإن نظر بعده وقبل علمه بالعزل كان في نفوذ أحكامه وجهان كعقد الوكيل بعد عزله وقبل علمه .
وإن كان الاعتزال من المولى إشاعة ليقلد المولي غيره فإن حكم بعد اعتزاله رد حكمه .
فأما أهل العمل فالتقليد لازم في حقوقهم بإظهار الطاعة والتزام الحكم .
فإن امتنعوا من التزامه لعذر أوضحوه وإن كان لغير عذر أرهبوا .
فإن أقاموا على الامتناع حوربوا لأن التزام القضاء من الفروض فإذا امتنعوا من التزامه حوربوا عليه كما يحاربون على امتناعهم من الفروض ولزوم الطاعة صحة التقليد .
وعلمهم بها مختلف بقربهم وبعدهم .
فإن بعدوا من أن يشيع خبر التقليد فيهم أشهد المولى على نفسه شاهدين بالتقليد والعهد الذي تضمنته الولاية بعد قراءته عليهما وعلمهما بما فيه حتى يشهدا به عند أهل العمل ، فإن عرفوا عدالتهما لزمتهم الطاعة وإن لم يعرفوها لم تلزمهم الطاعة حتى يكشفوا عن العدالة .