الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص18
العموم ، وليس له النظر إلا في سبت واحد ، وهو أول سبت يكون بعد التقليد ، فإذا نظر فيه انعزل بغروب شمسه ، ولو لم ينظر فيه لم يجز أن ينظر في غيره .
والفرق بين أن يقلده النظر بين اثنين فيحمل إطلاقه على العموم في كل تنازع ، وبين أن يقلده النظر في يوم السبت فيحمل إطلاقه على الخصوص في سبت واحد هو بقاء الخصمين فحمل النظر بينهما على العموم وانقضاء السبت فحمل النظر فيه على الخصوص .
فلو قلد قاضيا أن ينظر في يوم السبت وقلد آخر أن ينظر في يوم الأحد كان كل واحد منهما مقصور النظر على يومه .
فإن ترافع خصمان في يوم السبت إلى قاضيه ولم ينفصل الحكم بينهما فيه حتى رجعا في يوم الأحد كان قاضي الأحد أحق بالنظر بينهما من قاضي السبت .
ولو تنازع خصمان فدعا أحدهما إلى قاضي السبت ودعا الآخر إلى قاضي الأحد ، فإن كان تنازعهما في يوم السبت كان قاضيه أحق بالنظر بينهما .
وإن كان تنازعهما في يوم الأحد كان قاضيه أحق بالنظر بينهما .
وإن كان التنازع في غيرهما من الأيام لم يترجح قول واحد منهما حتى يستأنفا الترافع في أحد اليومين فيصير قاضي ذلك اليوم أحق بالنظر بينهما . وهكذا الحكم إذا قلده النظر في شهر من السنة فيكون مقصور الولاية على ذلك الشهر ليلا ونهارا لأن الشهر يجمعهما .
فهذا حكم الشرط الثالث وما اشتمل عليه من أقسامه الثلاثة .
وأما الشرط الرابع وهو النظر فهو على ضربين عام وخاص :
فأما العام : فهو أن يقلده النظر في جميع الأحكام فتكون ولايته مشتملة على جميع ما يختص بنظر القضاة وتشتمل على عشرة أقسام :
أحدها : تثبيت الحقوق عند التناكر من ديون في الذمم وأعيان في اليد بعد سماع الدعوى وسؤال الخصم ، وثبوتها يكون من أحد الوجهين : إقرار أو بينة .
والقسم الثاني : استيفاء الحقوق بعد ثبوتها عند التمانع والتدافع فإن كانت في الذمة ألزم الخروج منها وحبس بها وإن كانت أعيانا سلمها إن امتنع الخصم من تسليمها .
والقسم الثالث : النظر في العقود من المناكح والبيوع وغيرها عند الاختلاف فيها ليحكم باجتهاده في صحتها وفسادها والتحالف عليها .