الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص11
الطلب مستحب وهو به مأجور ، لأنه يقصد أمرا بمعروف ونهيا عن منكر .
والحال الثانية : وهو الطلب المحظور : أن يقصد بطلبه انتقاما من أعداء أو تكسبا بارتشاء ، فهذا الطلب محظور يأثم به لأنه قصد به ما يأثم بفعله .
وأما الحال الثالثة : وهو الطلب المباح فهو أن يطلبه لاستمداد رزقه أو استدفاع ضرر فهذا الطلب مباح لأن المقصود به مباح .
وأما الحال الرابعة : وهو الطلب المكروه ، فهو أن يطلبه للمباهاة والاستعلاء به فهذا الطلب مكروه لأن المقصود به مكروه .
قال الله تعالى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) [ القصص : 83 ] .
وأما الحال الخامسة : وهو الطلب المختلف فيه فهو أن يطلبه رغبة في الولاية والنظر فقد اختلف الفقهاء فيه مع اختلاف السلف قبلهم واختلاف أصحابنا معهم على ثلاثة مذاهب :
أحدها : يكره أن يكون له طالبا ويكره أن يجيب إليه مطلوبا ، وهو الظاهر من قول ابن عمر ومكحول وأبي قلابة ومن تخشن من الفقهاء وطلب السلامة لرواية سعيد ابن أبي سعيد عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : من استقضي فكأنما ذبح بغير سكين ‘ ولأنها أمانة يتحملها ربما قصر فيها أو عجز عنها والله تعالى يقول : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ) الآية [ الأحزاب : 73 ] .
والمذهب الثاني : يستحب أن يكون له طالبا ، وأن يجيب إليه مطلوبا وهو الظاهر من قول عمر والحسن ومسروق ومن تساهل من الفقهاء ومال إلى التعاون على البر والتقوى لرواية أبي هريرة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من طلب القضاء حتى يناله فإن غلب عدله جوره فله الجنة ، وإن غلب جوره عدله فله النار ‘ . ولأنه فرض لا يؤدي إلا بالتعاون والله تعالى يقول : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) [ المائدة : 2 ] .
والمذهب الثالث : وهو أعدلها : يكره أن يكون طالبا ويستحب أن يجيب إليه مطلوبا وهو قول أكثر المتوسطين في الأمر من الفقهاء لقول النبي ( ص ) لعبد الرحمن بن