الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص9
فإن تجدد بعده إمام لم ينقض له حكما نفذ على الصحة . وله عزله وإقراره ولم يجز للقاضي أن يستأنف النظر إلا بعد إذن الإمام . ولو كان تقليده عن إمام تقدم لم يلزمه الاستئذان .
والفرق بينهما وجود الضرورة في تقليد أهل الاختيار وعدمها في تقليد الإمام .
ويكتفي هذا القاضي بإذن الإمام عن تجديد تقليد ويقوم الإذن له مقام التقليد . وإن لم يجز الاقتصار على الإذن والولايات المستجدة لما تقدم لهذا القاضي . من شروط التقليد وكان حكمه أخف .
وأما الشرط الثاني وهو المولى :
فتقليد القضاء من جهته من فروض الكفايات ، لأنه لا يتعين في واحد من الناس ، ويدخل في فرضه كل من تكاملت فيه شروط القضاء حتى يقوم به أحدهم فيسقط فرضه عن جماعتهم .
فإن لم تكمل شروطه في الوقت إلا في واحد تعين عليه فرض الإجابة إذا دعي إلى القضاء ، ولم يتعين عليه طلب القضاء لأن فرض التقليد على المولي دون المولى ولا يصير بتفرده في عصره واليا حتى يولى .
ولو تكاملت شروط الإمامة في واحد انفرد بها عن غيره فقد اختلف العلماء : هل تنعقد إمامته من غير أن يعقدها له أهل العقد والحل ؟
فذهب أكثر الفقهاء إلى أنها لا تنعقد إمامته من غير أن يعقدها له أهل العقد والحل إلا بعقد كولاية القضاء .
وذهب آخرون من فقهاء العراق وبعض المتكلمين إلى انعقاد إمامته من غير عقد . لأن عقد أهل العقد إنما يراد لتمييز المستحق . فإذا تميز بصفته استغنى عن عقدهم .
وفرقوا بين القضاء والإمامة . بأن القضاء نيابة خاصة يجوز صرفه عنها مع بقائه على صفته فلم يفتقر إلى عقد ومول وإن شذ بعض أهل المذهب فسوى بين الإمامة والقضاء . وجعل ولاية القضاء فيمن تفرد بشروطه منعقدة من غير عاقد كالإمامة . والجمع بينهما في الصحة أفسد والجمع بينهما البطلان أصح ، لأن الولايات عقود فافتقرت إلى عاقد .
فإن امتنع هذا المنفرد بشروط القضاء من الإجابة إليه أجبره الإمام عليه لتعين