الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص5
عرف أنه قد ساءه ثم قال : ‘ يا زبير احبس الماء إلى الجدر أو إلى الكعبين ثم خل سبيل الماء ‘ فنزل قوله تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون ) أي لا يعلمون بما يوجبه الإيمان ( حتى يحكموك ) أي يرجعوا إلى حكمك ( فيما شجر بينهم ) أي فيما تنازعوا فيه .
وسميت المنازعة مشاجرة لتداخل كلامهما كتداخل الشجر الملتف .
( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ) فيه وجهان :
أحدهما : شكا ، قاله مجاهد .
والثاني : إثما قاله الضحاك : ( ويسلموا تسليما ) يحتمل وجهين :
أحدهما : يسلموا ما تنازعوا فيه لحكمك .
والثاني : يستسلموا إليك تسليما لأمرك .
وقال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) [ النساء : 58 ] .
وقال تعالى : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ) [ المائدة : 49 ] .
فروى بشر بن سعيد عن أبي قيس عن عمرو بن العاص عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ‘ ورواه أبو سلمة عن أبي هريرة .
فجعل له في الإصابة أجرين هما على الاجتهاد والآخر على الإصابة ، وجعل له في الخطأ أجرا واحدا على الاجتهاد دون الخطأ .
وروى أبو هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ القضاء ثلاثة : اثنان في النار وواحد في الجنة : قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة وقاض قضى بجهل فهو في النار وقاض عرف الحق فجار فهو في النار ‘ .
وروى عمرو بن الأسود عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله ( ص ) : إن الله مع القاسم حين يقسم ومع القاضي حين يقضي .