الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص505
سواء استأنف يميناً بالله أو بطلاق ، أو عتاق ، لأنه أشار بالقول إلى معدوم ، فبطل حكم الإشارة ، وإلى مجهول فبطل حكم الجهالة .
والضرب الثاني : أن يقول ذلك لمن قد حلف يميناً ، فقال : له بعد يمينه على مثل يمينك فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون يمينه بالله تعالى ، فلا يلزم هذا القائل يمين الحالف ، لأنه قد كنى عن اسم الله تعالى والأيمان بالله لا تنعقد إلا بالصريح ، دون الكناية .
والضرب الثاني : أن تكون يمين الحالف بطلاق ، أو عتاق ، فإن أراد هذا القائل بما قال : الطلاق ، والعتاق ، لزمه وإن لم يرد به لم يلزمه ، لأن الطلاق والعتاق يقع بالكناية مع الإرادة ، وهذا قول كناية فلزمت الإرادة ، ولم تلزم مع عدم الإرادة .
فإن قيل : فلم انعقد بالكناية يمين العتق ، والطلاق ، ولم تنعقد بها اليمين بالله تعالى .
قيل : لوقوع الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أنه لما صحت النيابة في الطلاق والعتاق ، ولم تصح النيابة في الأيمان بالله ، وقامت الكناية مقام الصريح في الطلاق ، ولم يقم مقام الصريح في الأيمان ؛ فافترقا من هذا الوجه .
والثاني : أن أسماء الله تعالى مختصة بذاته ، لا تقف على إرادة مسميه ، فاختص بالصريح دون الكناية ، وأسماء غيره تقف على إرادة مسميه ، فجمع فيها بين الصريح والكناية ، والله أعلم .