پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص489

دخول الألف واللام وحذفهما لأن معهود الشرع فيه مختلف بما ذكرناه من الدليل .

( فصل : )

ويتفرع على نذر الهدايا إذا نذر أن يذبح ولده ، أو نفسه ، أو عبده ، وعينه فنذره غير منعقد له ، ولا يجوز له الوفاء به ، ولا شيء عليه فيه ، وهو قول أبي يوسف .

وقال سعيد بن المسيب : يلزمه في هذا النذر كفارة يمين ، ويكون النذر منعقداً بالكفارة .

وقال أبو حنيفة : تلزمه شاة إذا نذر ذبح ولده ، وذبح نفسه ، ولا يلزمه شيء إذا نذر ذبح والده وعبده .

وقال محمد بن الحسن : تلزمه الشاة في ولده ، وعبده خاصة ، ويكون نذراً منعقداً بشاة احتجاجاً ، بأن خليل الله إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – التزم ذبح ولده ، فأمر الله سبحانه وتعالى ، أن يفيديه بشاة ، فقال تعالى : ( وَفَدَيْنَاهُ بِذَبْحٍ عَظِيمٍ ) ( الصافات : 107 ) . وبما روي عن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه قال : من نذر ذبح ابنه فعليه شاة ، وليس له في الصحابة مخالف فصار إجماعاً .

ودليلنا حديث عمران بن حصين – رضي الله عنه – أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا نذر في معصيةٍ ، ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم ‘ وهذا نذر في معصية ، ونذر فيما لا يملك وروت عائشة – رضي الله عنها – عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه ‘ والتزام هذا النذر معصية ، وتركه طاعة ، ولأنه نذر لا ينعقد بالوفاء ، فوجب أن لا ينعقد بغيره ، كالنذر في جميع المعاصي ، ولأن حرمة الوالد أعظم من حرمة الولد ، فلما لم تلزمه الشاة ، إذا نذر ذبح والده ، فأولى أن لا تلزمه ، إذا نذر ذبح ولده .

وأما الجواب عن استدلالهم بحال الخليل إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – فهو أنه رأى في المنام أنه يذبح ابنه كما قال تعالى : ( إِنِّي أَرَى في المَنَامِ أنِّي أذْبَحُكَ ) ( الصافات : 102 ) . ورؤيا الأنبياء في المنام كالوحي في اليقظة ، فصار ذلك أمراً من الله تعالى ليختبر صبره وطاعة ابنه ، ولذلك قال : ( يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرْ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) ( الصافات : 102 ) . فلم يجز أن يجعل أصلاً في النذور ، كما لم يجعل الشروع في الذبح أصلاً فيها .

وأما الجواب عن حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – فالرواية مختلفة ، فروي عنه أن عليه مائة من الإبل ، وروي عنه أن عليه شاة ، وليست إحدى الروايتين أولى من الأخرى وقد سقطت إحداهما ، فوجب أن تسقط الأخرى ، ثم لو انفردت الرواية لما صارت إجماعاً إلا بانتشارها ولم تنتشر فلم تكن إجماعاً .