الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص463
قال الماوردي : أما النذور في اللغة فهو الوعد بخير أو بشر ، قال عنترة العبسي :
وأما النذر في الشرع فهو الوعد بالخير ، دون الشر ، قال النبي ( ص ) : ‘ لا نذر في معصيةٍ ‘ والأصل في وجوب الوفاء ، بالنذور كتاب الله وسنة رسوله . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ ) ( المائدة : 1 ) وقال تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) ( الإسراء : 17 ) يعني مسؤولاً عنه وفي الفرق بين العقد والعهد وجهان :
أحدهما : أن العقد ما كان بين متعاقدين ، والعهد قد ينفرد فيه الإنسان في حقه نفسه .
والوجه الثاني : أن العقد إلزام بوثيقة ، والعهد إلزام بغير وثيقة ، فصار العقد أوكد من العهد ، فأمر في هاتين الآيتين بالوفاء .
وقال تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ) ( النحل : 16 ) فجمع في هذه الآية بين الآمر بالوفاء وبين النهي عن نقضه ، ثم حمد من وفى بنذره فقال : ( يُوْفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) ( الإنسان : 7 ) وحمد من وفى بعهده فقال : ( وَالمَوْفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) ( البقرة : 177 ) ثم ذم وتوعد من لم يف بعهده ، ولم يف بنذره فقال تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ ) الآيات إلى قوله تعالى : ( وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) ( التوبة : 75 ، 76 ، 77 ) وهذا نزل في ثعلبة بن حاطب الأنصاري وفي سبب نزوله فيه قولان :