پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص463

كتاب النذور
( مسألة : )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ من نذر أن يمشي إلى بيت الله لزمه إن قدر على المشي وإن لم يقدر ركب وأهراق دماً احتياطاً من قبل أنه إذا لم يطق شيئاً سقط عنه ولا يمشي أحدٌ إلى بيت الله إلا أن يكون حاجاً أو معتمراً ‘ .

قال الماوردي : أما النذور في اللغة فهو الوعد بخير أو بشر ، قال عنترة العبسي :

( الشاتمي عرضي ولم أشتمهما
والناذرين إذا لم ألقهما دمي )

وأما النذر في الشرع فهو الوعد بالخير ، دون الشر ، قال النبي ( ص ) : ‘ لا نذر في معصيةٍ ‘ والأصل في وجوب الوفاء ، بالنذور كتاب الله وسنة رسوله . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ ) ( المائدة : 1 ) وقال تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) ( الإسراء : 17 ) يعني مسؤولاً عنه وفي الفرق بين العقد والعهد وجهان :

أحدهما : أن العقد ما كان بين متعاقدين ، والعهد قد ينفرد فيه الإنسان في حقه نفسه .

والوجه الثاني : أن العقد إلزام بوثيقة ، والعهد إلزام بغير وثيقة ، فصار العقد أوكد من العهد ، فأمر في هاتين الآيتين بالوفاء .

وقال تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ) ( النحل : 16 ) فجمع في هذه الآية بين الآمر بالوفاء وبين النهي عن نقضه ، ثم حمد من وفى بنذره فقال : ( يُوْفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) ( الإنسان : 7 ) وحمد من وفى بعهده فقال : ( وَالمَوْفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) ( البقرة : 177 ) ثم ذم وتوعد من لم يف بعهده ، ولم يف بنذره فقال تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ ) الآيات إلى قوله تعالى : ( وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) ( التوبة : 75 ، 76 ، 77 ) وهذا نزل في ثعلبة بن حاطب الأنصاري وفي سبب نزوله فيه قولان :