پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص458

والخامس : وهو مذهب أبي حنيفة يلزمه أن يتصدق بجميع الأموال المزكاة ، ولا يلزمه أن يتصدق بما ليس بمزكى .

والسادس : وهو مذهب الشافعي ؛ أنه مخير بين أن يتصدق بجميع ماله وبين أن يكفر كفارة يمين وهو في الصحابة قول عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس ، وأبي هريرة ، وعائشة وحفصة وأم مسلمة وفي التابعين قول الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح ، وفي الفقهاء قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد القاسم بن سلام وأبي ثور واستدل أبو حنيفة ومن تابعه في الجملة ولم يوجب فيه كفارة يمين بقول الله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ أَتَاناَ مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَدَّقَّنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) ( التوبة : 75 ، 76 ) فتوعده على ترك الوفاء وبنذره والوعيد يتوجه إلى ترك الواجبات وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من نذر نذراً سماه فعليه الوفاء به ‘ .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من نذر نذراً يطيقه فليف به ‘ فكان ذلك على عمومه ؛ ولأنه علق الصدقة بشرط فوجب أن يلزم بوجود الشرط كالجزاء بالتبرر ؛ ولأن كل حقٍّ لوم بنذر الجزاء ، والتبرر لزمه بنفي النذر والإثبات ، كالعتاق والطلاق ، ودليلنا عموم قوله تعالى : ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ) إلى قوله : ( ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا طَلَقْتُمْ ) ( المائدة : 89 ) فكان محمولاً على كل يمين .

وروى عقبة بن عامر عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ كفارة النذر كفارة اليمين ‘ وهذا نص .

وروى عبد الله بن عباس عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من نذر ولم يسم فعليه كفارة يمينٍ ، ومن نذر ما لا يطيق فعليه كفارة يمينٍ ‘ .

وروت عائشة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من حلف بالهدي أو جعل ماله في سبيل الله أو في المساكين أو في رتاج الكعبة فكفارته كفارة اليمين ‘ وهذه الأخبار كلها نص ، ولأنه بانتشاره عن سبعة من الصحابة لم يظهر خلافهم إجماع لا يجوز خلافه .

روى عمر بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث فقال أحدهما للآخر : قسمه ، فقال له : إن عدت بذكر القسمة لا أكلمك أبداً ، وكل مالي في رتاج الكعبة ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الكعبة لغنية عن مالك كفر عن يمينك . وكلم أخاك ، سمعت النبي ( ص ) يقول : ‘ لا يمين عليك في معصية الرب ، ولا في قطيعة الرحم ، ولا فيما ليس لك ‘ .

وروى بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع قال : قالت مولاتي : لأفرقن بينك وبين امرأتك وكل مالي في رتاج الكعبة ، وأنا يومٌ يهوديةٌ ويومٌ نصرانيةٌ ، ويومٌ مجوسيةٌ