پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص440

ودليلنا : ما روي عن النبي ( ص ) : ‘ أنه نهى عن بيع الثمار حتى تزهى قيل : وما تزهى ؟ قال : حتى تحمار أو تصفار ‘ .

والدليل فيه من وجهين :

أحدهما : أن الفواكه هي الثمار والرطب والعنب من أجلها .

والثاني : أنه جعل الاحمرار والاصفرار مبيحاً لبيعها ، وهذا مما يشترك فيه جميعها ، ولأن أهل اللغة متفقون على دخول العنب والرطب والرمان في الفاكهة ، فروي عن يونس النحوي أنه قال : الرمان والنخل من أفضل الفاكهة ، وإنما قصدا بالذكر لفضلهما ، واستشهد بقوله الله تعالى : ( مَنْ كَانَ عَدُواً للهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ) ( البقرة : 98 ) . فذكر الملائكة ، وخص جبريل وميكائيل بالذكر ، وإن كانا من الملائكة لفضلهما .

وقال الخليل : الفاكهة ، الثمار كلها .

وقال الحسن والضحاك : الرطب والرمان من الفواكه ، وفضلاً بالذكر على جميعها ، وهؤلاء في اللغة قدوة متبعون ولا يسوغ خلافهم فيها ، ولأن اسم الفاكهة مشتق من التفكه بها ، وهي الاستطابة من قولهم : فلان يتفكه بكلامه أي : يتطارب به ، وهذا موجود في العنب والرطب والرمان أوفى من وجوده من غيرها ، فكان أحق باسمها ، ولأنه ليس الجمع في الجنس بين خصوص وعموم بمانع من دخول الخصوص في العموم كما قال تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى ) ( البقرة : 238 ) . فدخلت في عموم الصلوات ، وإن خصت بالذكر . وكقوله : ( وَإذَا أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) فدخل في عموم الأنبياء مع التخصيص بالذكر .

قال أصحاب أبي حنيفة : إنما يدخل الخصوص في العموم إذا تأخر ، ولا يدخل فيه إذا تقدم .

قيل : هذه دعوى لا يشهد للفرق بينهما دليل ، وإن سلم ذلك لكم ، فقد تأخر خصوص قوله : ( فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) على عموم الفاكهة ، فوجب أن يدخلا فيها .

فإذا تقرر ما ذكرنا ، فلا خلاف بين أصحابنا في دخول العنب والرمان في الفاكهة في جميع البلاد .

وأما الرطب ، فقد كان بعض أصحابنا يجعله من الفاكهة في البلاد التي يقل فيها كبغداد ، ولا يجعلها من الفاكهة في البلاد التي يكثر فيها كالبصرة ، وذهب جمهورهم