الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص436
الناس ، ولا تصدقت على المساكين ، حنث بكلام واحد من الناس ، وبالصدقة على واحد من المساكين ، اعتباراً بأقل العدد في النفي .
والفرق بينهما في اعتبار أقل الجمع في الإثبات واعتبار أقل العدد في النفي أن نفي الجميع ممكن وإثبات الجميع ممتنع .
وأما الوجه الثاني : في تخصيص العموم بالشرع فضربان :
أحدهما : تخصيص اسم .
والثاني : تخصيص حكم .
فأما تخصيص الاسم فكالصيام ، في اللغة هو : الإمساك عن الطعام والكلام والشراب ثم خصه الشرع بالإمساك عن الطعام والشراب في النهار ، ويكون عمومه في اللغة محمولاً على خصوصه في الشرع ، فإذا عقد يمينه على الصيام لم يتعلق البر والحنث إلا بالصوم الشرعي ، وصار عموم اللفظ بالشرع مخصوصاً .
وكذلك الحج في اللغة هو القصد إلى كل جهة ، وخصه الشرع بقصد البيع الحرام لأفعال الحج ، فلا يتعلق البر والحنث في انعقاد يمينه على الحج إلا بخصوص الشرع دون عموم اللغة .
وعلى هذا قياس نظائره .
وأما تخصيص الحكم ، فكلحم الخنزير ، خص بالتحريم من عموم اللحوم المباحة ، ففي تخصيص العموم به في الأيمان وجهان :
أحدهما : يختص عمومها بالحكم الشرعي ، كما خص بالاسم الشرعي ، فلا يحنث إذا حلف لا يأكل اللحم بأكل اللحوم المحرمة .
ولو حلف ليأكلن اللحم لم يبر بأكل اللحوم المحرمة .
ولو حلف لا وطئ لم يحنث بالوطء في البر .
ولو حلف أنه يطأ لم يبر إلا بالوطئ في القبل ، ويبر ويحنث بوطء الزنا ، لأنه من جنس المباح .
ويتفرع عليه إذا حلف لا يتيمم كان محمولاَ على تيمم أعضائه بالتراب ، دون ما هو موضوع عليه في اللغة من القصد .
فإن تيمم لمرض أو في سفر حنث ، وإن تيمم بالقصد إلى جهة لم يحنث ، ثم على هذا القياس .
والوجه الثاني : أنه لا يتخصص عموم الأيمان بالأحكام الشرعية ، لاتفاق أحكام الأيمان في الحظر والإباحة ، اعتباراً بما انعقدت عليه ، فتحمل على عمومها فيما حل