الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص429
والثاني : لا يحنث اعتباراً بالشرع .
وأما إذا حلف لا يأكل زبداً ، فالزبد المعهود يكون من لبن البقر والغنم ، وليس لألبان الإبل زبد ، فيحنث بزبد البقر والغنم .
وإن كان لألبان شيء من الصيد زبد ، فهو نادر غير معهود ، فيحنث به على مذهب الشافعي اعتباراً بالاسم ، ولا يحنث به على قول ابن سريج اعتباراً بالعرف .
ولو حلف بأكل اللباء ، فهو أول لبن يحدث بالولادة بعد انقطاعه بالحمل إذا وافق وقت الولادة وحلب بعدها ، وفي حنثه بما حلب قبلها وجهان من اختلاف الوجهين فيما تقدم على الولادة من دم النفاس ، هل يكون نفاساً على وجهين :
إن قيل : يكون نفاساً ، كان هذا اللبن لباء وإن قيل لا يكون نفاساً ، لم يكن هذا اللبن لباء ، وغالب اللباء بعد الولادة ثلاث حلبات ، وربما زاد ونقص بحسب اختلاف الحيوان في القوة والضعف .
وصفته ما خالف اللبن في لونه وقوامه ، فإن لون اللباء يميل إلى الصفرة ، وهو أثخن من اللبن ، وهو عند الرعاة معروف .
وسواء أكله نيئاً أو مطبوخاً ، وإن كان عرفه أن يؤكل مطبوخاً كاللحم .
فإذا تقررت هذه الجملة ، وحلف أن لا يأكل زبداً ، فأكل لبناً لم يحنث ، لأنه مفارق للزبد في الاسم والصفة .
ولو أكل سمناً ففي حنثه وجهان :
أحدهما : وهو قياس قول ابن أبي هريرة يحنث به ، لاشتراكهما في الصفة ، ولو حلف لا يأكل لبناً حنث بجميع ما تناوله اسم اللبن على الإطلاق من حليب ومخيض ورائب ، وذائب وجامد .
فأما الزبد ، فلا يحنث به إذا حلف لا يأكل لبناً ، كما لا يحنث بأكل اللبن إذا حلف لا يأكل زبداً . وقال أبو علي بن أبي هريرة : يحنث بالزبد إذا حلف لا يأكل اللبن ، لأنه من اللبن ، ولا يحنث باللبن إذا حلف لا يأكل الزبد ، لأنه ليس اللبن من الزبد .
وعلل ذلك بأن اسم اللبن عام واسم الزبد خاص ، فدخل خصوص الزبد في عموم اللبن ، ولم يدخل عموم اللبن في خصوص الزبد ، وهذا قول فاسد ، ولو كان للفرق بينهما وجه ، لكان عكس قوله أولى ، فيحنث باللبن ، إذا حلف لا يأكل زبداً ، لأن في اللبن زبداً ، ولا يحنث بالزبد إذا حلف لا يأكل لبناً ، لأنه ليس في الزبد لبن ، فلما