الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص418
فشربه أن يمزجه بالماء ، ويشربه كشربه الماء ، فإن شربه على هذه الصفة حنث . وإن بله حتى اجتمع وأكله مضغاً لم يحنث ، لأنه آكل وليس بشارب ، ولم استفه سفاً لم يحنث لأنه ليس بشارب ولا آكل وإن حلف لا آكل هذا الخبز ، فأكله أن يمضغه بفمه ، ويزدرده إلى جوفه ، فإن أكله على هذه الصفة حنث ، وإن رضه ، ومزجه بالماء وشربه لم يحنث ، لأنه شارب ، وليس بآكل .
ولو ابتلعه من غير مضغ لم يحنث ، لأنه ليس بآكل ، ولا شارب ، ولا يحنث في الأكل والشرب إلا بما وصل إلى الجوف ، فإن حلف لا ذاق هذا الطعام ، فالذوق أن يعرف طعمه بفمه .
وهل يحتاج مع معرفة طعمه بفمه إلى وصول يسير منه إلى جوفه ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه لا يكمل الذوق إلا بوصول يسير منه إلى جوفه ، ليمر في الحلق ، وهو الظاهر من نص الشافعي .
فإن لم يصل شيء منه إلى الجوف لم يكن ذائقاً ، ولا حانثاً .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنه لا يعتبر فيه إلا معرفة الطعم دون الوصول إلى الجوف ، لمفارقته للأكل والشرب المختصان بالوصول إلى الجوف .
فإن أكل هذا الذائق أو شرب حنث ، لأنه قد ذاق وزاد .
وإن حلف لا يطعم هذا الطعام ، فالتطعم معرفة طعمه بلسانه ، ولا اعتبار بوصول شيء منه إلى جوفه ، فإذا عرف طعمه حنث ، فإن ذاقه أو أكله أو شربه حنث ، لأنه قد تطعم وزاد .
وإن حلف لا أطعم هذا الطعام ، حنث بأكله وشربه ، ولم يحنث بذوقه وطعمه ، لفرق ما بين الطعم والتطعم ، لأن الطعم ما صار طعاماً له ، والتطعم ما عرف طعمه .
فلو أوجر الطعام بقمع في حلقه ، ولم يدن في لهوات فمه ، حتى وصل إلى جوفه ، فإن كانت يمينه على الأكل والشرب والذوق والتطعم لم يحنث لعدم شروطها في الوجود كلها . وإن كانت على أن لا يطعم حنث ، لأنه قد وصل إلى جوفه ، فصار طعاماً له .
قال الماوردي : أما السمن ، فله حالتان : جامد وذائب .