الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص417
أصحابنا : هل يحمل على عمومه في المباح والمحظور ؟ أو يكون مخصوصاً في المباح دون المحظور ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه على العموم في المباح والمحظور ، فيحنث بلحم الكلب والخنزير اعتباراً بعموم الاسم ، ولا يختص بالحظر ، كما يحنث باللحم المغصوب ، وإن كان محظوراً .
والوجه الثاني : أنه محمول على المباح دون المحظور ، فلا يحنث بلحم ما حرم من كلب أو خنزير أو وحش أو حمار أهلي ؛ لأمرين :
أحدهما : أنه لما خصت الأيمان بعرف الاستعمال ، كان أولى من أن تخص بعرف الشرع ؛ لأنه ألزم .
والثاني : أنه قصد باليمين أن حظر على نفسه ما استبيح بغير يمين ، فخرج المحظور من قصد اليمين ، فلم يحنث به .
وأما المغصوب ، فهو من جنس المباح ، وأنه حظر المعنى خاص ، فأجرى عليه حكم العموم في الإباحة .
ولا فرق فيما يحنث بأكله من اللحم بين أن يأكله مشوياً أو مطبوخاً أو نيئاً وقال بعض الفقهاء ، وأظنه مالكاً : إنه لا يحنث بأكله نيئاً ، حتى يطبخ أو يشوي ؛ اعتباراً بالعرف في أكله . وهذا الاعتبار فاسد من وجهين :
أحدهما : أن الطبخ صفة زائدة ، يقصد بها الاستطابة ، فلم يجز اعتبارها في المطلق ، كما لا يعتبر به المستطاب المستلذ .
والثاني : أن حقيقة الأكل ما لاكه مضغاً بفمه ، وازدرده إلى جوفه .
وهذا موجود في النيء ، كوجوده في المطبوخ والمشوي .
قال الماوردي : اعلم أن الأفعال أنواع كالأعيان ، فإذا تعلقت اليمين بنوع من فعل ، فهي كتعلقها بنوع من يمين ، فلا يحنث بغير ذلك العين ، كما لا يحنث بغير تلك العين .
والأكل نوع ، والشرب نوع ، والذوق نوع ، والطعم نوع ، ولكل نوع من هذه الأربعة صفة متميزة تختص به .
وإن جاز أن يقع الاشتراك في بعض الصفات ، فإذا حلف لا يشرب هذا السويق ،