پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص416

يأكل الرؤوس أن حنثه مختص برؤوس النعم ، لإضافة رؤوس غيرها إلى أجسادها ، واختصاص النعم بانفراده من بينها .

والقسم الثاني : ما خرج عن العرف لتعذره أو لعزته ، فيكون في الإيمان محمولاً على ما عمه الاسم دون ما خصه العرف .

فاللحم خرج من عرف لحم الصيد ، لتعذره ، ولحم الدجاج لعزته ، وغلاء ثمنه ، فامتنع تخصيص الاسم بالعرف ، لأن العرف غير مستقر ، لتردده بين وجود وعدم ، فصار ما عم من الاسم المستقر أولى من تخصيصه ، بعرف غير مستقر ، ولذلك قلنا في البيض : إنه يحنث ببيض العصافير لاختصاصه بعرف غير مستقر كاللحم ولا يحنث ببيض السمك ؛ لاختصاصه بعرف مستقر كالرؤوس .

والقسم الثالث : ما خرج عن العرف لاسم خاص هو أغلب عليه ، فيكون في الأيمان محمولاً على خصوص الاسم دون عموم ، كلحم الحيتان ينطلق عليه اسم اللحم في العموم ، لقول الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِياً ) ( النحل : 14 ) . لكن اسم السمك أخص به من اسم اللحم ، فوجب أن لا يحنث به إذا حلف لا يأكل لحماً ، اعتباراً بخصوص الاسم دون عمومه .

وقال مالك وأبو حنيفة : يحنث به اعتباراً بعموم الاسم دون خصوصه ، وهذا الاعتبار فاسد من وجهين :

أحدهما : أن الخاص أغلب ، فكان اعتباره أوجب .

والثاني : أن الله تعالى قد سمى الأرض بساطاً والشمس سراجاً والجبال أوتاداً ، ولو حلف لا يجلس على بساط ، فجلس على الأرض ، ولا يجلس في سراج فجلس في الشمس ، ولا يمس وتداً ، فمس جبلاً ، لم يحنث اعتباراً بخصوص الاسم دون عمومه ، وكذلك في لحم السمك .

واختلف أصحابنا في القروي إذا حلف لا يسكن بيتاً ، فسكن بيت شعر ، هل هو مخصوص بعرف أو اسم ، فذهب بعضهم إلى أنه مخصوص بعرف ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي ، فجعله حانثاً به ، كالذي قدمناه في أكل الخبز ولبس الثوب . وذهب آخرون إلى أنه مخصوص باسم ، لأنه يسمى خيمة وفسطاطاً ، فلم يجعله حانثاً به كلحم السمك ، وحنث البدوي بسكنى بيوت المدر وجهاً واحداً ، لأنه مخصوص بالعرف دون الاسم .

( فصل : )

فإذا ثبت ما قررنا من هذا الأصل ، وجب اعتباره في جميع الأيمان ، ليسلم من الإشكال فإذا حنث في اللحم بكل لحم من معتاد ونادر ، فقد اختلف