الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص415
وأما النادر فيحنث بأكله أهل النادر كبيض النعام ، يحنث به أهل البادية ، وفي حنث أهل الأمصار به وجهان :
أحدهما : يحنثون به إذا قيل : إن أهل القرى يحنثون بسكنى بيوت الشعر .
والوجه الثاني : لا يحنثون به ، إذا قيل : إن أهل القرى لا يحنثون بسكنى بيوت الشعر .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وإنما حنث بأكل كل لحم من أهلي كالنعم ، ووحش كالصيد والطائر من معتاد ونادر ، ولم يحنث بلحم الحيتان ، لأصل أوضحه ، يكون في الأيمان معتبراً ، ليسلم من التناقض وهو :
أن الاسم اللغوي إذا انطلق على أعيان ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : أن يطابقه العرف في جميعها ، فيحمل في الأيمان على جميع تلك الأعيان ، سواء كان ما طابقه من العرف عاماً أو خاصاً .
فالعرف العام أن يحلف : لا آكل رطباً ، فيحنث بجميع الأرطاب من لذيذ وغير لذيذ ، من مستطاب وغير مستطاب ، أو يحلف : لا آكل بقلاً ، فيحنث بجميع أنواعه لذيذ وغير لذيذ .
والعرف الخاص أن يحلف : لا يلبس ثوباً ، فيحنث كل غني وفقير بلبس كل ثوب من مرتفع ودانٍ ، فيحنث الملك بلبس الصوف ، وإن خرج بدخوله في عرف من عرفه ودخل في عرف الفقراء ويحنث الفقير بلبس الحرير وإن خرج عن عرفه لأنه بدخوله في عرف الأغنياء مع اشتراك جميعها في اسم الثوب ، فلم يخرج بعضها بعرف خاص إذا طابقه عرف خاص ، وهكذا لو حلف لا يأكل خبزاً حنث كل غني وفقير بأكل كل مخبوز من بر وشعير وأرز وذرة ، فيحنث الغني بأكل خبز الشعير ، وإن خرج عن عرفه ، لدخول في عرف الفقير ، ويحنث الفقير بخبز البر ، وإن خرج عن عرفه ، لدخوله في عرف الغني مع اشتراك جميعها في اسم الخبز .
والقسم الثاني : ما كان الاسم فيه مخالفاً للعرف ، فينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : ما خرج عن العرف لإلحاقه بغيره مع التساوي في الوجود ، فيصير في الأيمان محمولاً على ما خصه العرف دون ما عمه الاسم ، كالذي قدمناه ممن حلف لا