الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص413
رؤوس الحيتان مع رؤوس النعم ، ويحنث أهل الفلوات ، في بلاد الريف بأكل رؤوس النعم ، وأكل رؤوس الصيد ، ويحنث أهل البحار فيها بأكل رؤوس الحيتان ، وبأكل رؤوس النعم .
والوجه الثاني : أنه يزول عنهم في بلادهم بانتقالهم عنها ، فلا يحنث أهل الفلوات والبحار في بلاد الريف إلا برؤوس النعم .
ولا يحنث أهل الريف في بلاد الفلوات إلا برؤوس الصيد ، وفي بلاد البحار إلا برؤوس الحيتان .
فهذا حكم التعليل في هذا الوجه الأول .
والوجه الثاني : في تعليل حنثه برؤوس النعم أن عرف كلامهم يتوجه إليها ، وإفراد أكلها مختص بها ، فإنه لا يعرف ممن قال : أكلت الرؤوس إلا رؤوس النعم ، وغيرها يؤكل مع أجسادها .
وفي التعليل تميز من وجه ، وامتزاج من وجه ، فعلى هذا هل يكون عرف البلد خاصاً فيه أو عاماً في جميع البلاد على وجهين :
أحدهما : وهو الظاهر في مذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يصير عاماً في البلاد كلها ، فيحنث جميعهم برؤوس النعم الثلاثة .
وإن عرفنا أن لبعض البلاد عرفاً في البلاد كلها ، فيحنث جميعهم برؤوس النعم الثلاثة ورؤوس الصيد والحيتان ، حنث جميع الناس ، وإن لم يعلمه لم يحنثوا .
والشافعي رضي الله عنه إنما خص الحنث برؤوس النعم الثلاثة ، لأنه لم يعلم عرف بلد في غيرها ولو علم لحنث بها جميع الناس كما حنث برؤوس النعم ولذلك حنث القروي إذا حلف لا يسكن بيتاً ، فسكن بيت من بيوت البادية ، لأن عرف البادية جار به ، كما أن الخليفة لو حلف لا يأكل الخبز وعادته خبز البر ، فأكل خبز الشعير ، حنث به ، لأن عرف أهل الفاقة جاز به .
والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج ، أن عرف كل بلد مخصوص في أهله مقصور عليهم دون غيرهم .
فعلى هذا يحنث أهل الحجاز برؤوس النعم الثلاثة من الإبل والبقر والغنم ، كما قال الشافعي رضي الله عنه اعتباراً بعرفهم ويحنث أهل الكوفة برؤوس البقر والغنم ، ولا يحنث برؤوس الإبل اعتباراً بعرف أهلها ، قال أبو حنيفة ويحنث أهل بغداد والبصرة برؤوس الغنم ، ولا يحنثون برؤوس البقر والإبل ، كما قال أبو يوسف ومحمد