الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص328
بيعه ، ومنع أبو حنيفة من إجزائه لمنعه من جواز بيعه وسائر الكلام معه في كتاب المدبر ، وكذلك المعلق عتقه بصفة إذا عجل عتقه عن كفارة أجزأه سواء كانت الصفة معلقة بالزمان ، كقوله : إذا هل شهر كذا فأنت حرٌّ كانت الصفة معلقة بالفعل ، كقوله : إن دخلت الدار فأنت حرٌّ ، وإنما أجزأه ، إلحاقاً له بالمدبر ، كما أن بيعه يجوز كالمدبر ، ولكن لو نوى فيه أن يصير بمجيء الصفة حراً عن كفارته لم يجزه ، لأنه يصير معتقاً بسببين ، وتعجيل عتقه قبل الصفة يجعله معتقاً بسبب واحدٍ ، فأما عتق أم الولد فلا يجزئ عن الكفارة .
واختلف أصحابنا في تعليل هذا المنع ، فقال بعضهم : التحريم بيعها ، وقال آخرون : استحقاقٌ عتقها بالولادة يجعلها معتقة بسببين وأما عتق المكاتب قبل عجزه فلا يجزئ ، وقال أبو حنيفة : إن لم يؤد شيئاً من نجومه أجزأه ، وإن أدى شيئاً منها لم يجزه ، وقد ذكرناه في كتاب الظهار . فأما إن عجز عن الأداء فأعتقه بعد التعجيز أجزأه لأنه قد عاد إلى الرق في جواز البيع ، وجميع الأحكام ، فأما إذا أعتق شقصاً له من عبد ينوي به الكفارة ، وكان موسراً عتق عليه جميعه وأجزأه منه قدر حصته ، وفي إجزاء حصة شريكه ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يجزئه لأنه يعتق عليه بغير التكفير فصار عتقاً بسببين .
والوجه الثاني : يجزئه ، لأن عتقه تبع لعتق حصته ، فجرى عليه حكمها في الإجزاء .
والوجه الثالث : أنه إن نوى عند عتق حصته عتق جميعه عن كفارته أجزأه ، وإن قصر نيته على عتق حصته وحدها لم يجزه ، وإذا أكمل عتق رقبة من عبدين أعتق من كل واحدٍ نصفه ، وفي إجزائه وجهان مضيا .
وفيه وجه رابع : أنه إن كان الباقي من كل واحد منهما حراً أجزأه ، وإن كان الباقي منهما مملوكاً لم يجزه ، فأما إذا أعتق عبداً مرهوناً أو جانياً ، فإن قيل ببطلان عتقهما على ما ذكرناه من الأقاويل فيها لم يجزه ، وإن قيل بجواز عتقهما أجزأه عن كفارته ثم ختم المزني الباب بالاحتجاج على أبي حنيفة والمنع من إجزاء عتق الكافر بما مضى وبالله التوفيق .