الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص326
أجاز في موضع عتقهما ومنع منه في موضع آخر ، وليس ذلك على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالهما في فهم الإشارة ، فأما إن اجتمع فيهما الخرس والصمم لم يجز ، لأن اجتماعهما مؤثر من العمل ومقتضى عرفهم الإشارة ولا يجزئ عتق العمياء لإضرار العمى بالعمل ، ولا يجوز عتق المقطوعة اليدين أو إحداهما ولا عتق المقطوعة الرجلين أو إحداهما ، بخلاف العوراء لأن ذهاب إحدى اليدين مضر بالعمل ، وكذلك إحدى الرجلين وذهاب إحدى العينين غير مضر بالعمل ، ويجزئ عتق العرجاء إذا كان عرجها قليلاً ، ولا يجزئ إذا كان كثيراً ، لأن قليله غير مضر ؟ وكثيره مضرٍ ، وتجزئ المقطوعة الخنصر أو البنصر من إحدى الأطراف ، أو الخناصر والبناصر من الأطراف كلها ، ولا يجزئ إذا اجتمع قطع الخنصر والبنصر من طرف واحدٍ ، ويجوز إن كانا من طرفين ؛ لأن اجتماعهما مضر وافتراقهما غير مضر ، ولا تجزئ المقطوعة الإبهام أو السبابة أو الوسطى ، لأن قطع كل واحدة من هذه الأصابع الثلاث مضر ، فأما قطع الأنملة الواحدة فيمنع منها إن كانت في الإبهام ولا يمنع منها إن كانت في غيرها من الأصابع ، لأن الباقي من أنامل غير الإبهام أكثر ، بخلاف الإبهام والشلل في الأطراف كالقطع فما منع منه القطع منع منه الشلل ، وما جاز مع القطع جاز مع الشلل ، فإذا لم تجز القطعاء فأولى أن لا تجزئ المقعدة ولا ذات الزمانة ، وأما المريضة فإن كان مرضها مرجواً كالحمى والصداع أجزأت وإن ماتت ، وإن كان مرضها غير مرجو كالسل والفالج لم تجز وإن صحت ، وأما عتق الشيخ والعجوز ، فعتقهما مجزئ ، ما لم ينتهيا إلى الهرم المضر بالعمل فلا يجزئ ، وسواء في الإجزاء أعتق ذات الضعة وغير ذات الضعة ، ويجزئ عتق الخصي والمجبوب لكمال عملهما ، وكذلك يجزئ عتق الخنثى ، فأما عتق الجذماء فإن كان الجذام في الأنف والأذن أو الشفة أجزأت ، وإن كان في أطراف البدن والرجلين لم يجز ، لأنه مضرٌّ بالعمل في الأطراف وغير مضر بالعمل في غير الأطراف ويجزئ عتق الأبرص والبرصاء لأنه غير مضر بالعمل ، والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن من ملك أحداً من والديه أو مولوديه عتق عليه ، ولا يعتق عليه غيرهما من ذوي الأنساب ، وأعتق عليه أبو حنيفة كل ذي رحم محرم وسائر الكلام معه في كتاب العتق ، وإن مضى في كتاب الظهار ، وذكرنا أن من اشترى من يعتق عليه ناوياً به العتق عن كفارته لم تجزه ، وأجازه أبو حنيفة وقد مضى الكلام معه في كتاب الظهار لكن اختلف أصحابنا في تعليل ما قاله الشافعي في المنع من إجزائه على وجهين :