الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص322
قال الماوردي : قد ذكرنا أن العتق في الكفارات لا يجزئ إلا في رقبة مؤمنة وهو قول الأكثرين ، وقال أبو حنيفة : يجزئ عتق الكافرة في جمعيها إلا في كفارة القتال ، لأن الله تعالى شرط إيمانها فحمل المشروط على تقييده ، والمطلق على إطلاقه ، ومن أصل الشافعي أن كل مطلق قيد بعض جنسه بشرطٍ كان جميع المطلق محمولاً على تقييد ذلك الشرط ، كما أطلق قوله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ) ( البقرة : 282 ) ، وقيد قوله : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) ( الطلاق : 2 ) فحمل ذلك المطلق على هذا المقيد في اشتراط العدالة ، واختلف أصحابنا فيما ذهب إليه الشافعي من حمل المطلق على المقيد ، هل قاله لغة أو شرعاً على وجهين :
أحدهما : أنه قال من طريق اللغة وما يقتضيه لسان العرب الذي جاء به الشرع ما لم يصرف عنه دليلٌ .
والثاني : أنه قاله من طريق الشرع وما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ، واختلف من قال بهذا على وجهين :
أحدهما : يجمع بينهما بالإطلاق إلا أن تفرقا في المعنى .
والوجه الثاني : أن لا يجمع بينهما إلا بعد اشتراكهما في المعنى ، ثم من الدليل أنه عتق في كفارة ، فوجب أن لا يجزئ فيه إلا مؤمنة ، كالعتق في كفارة القتل .
ولأن كل رقبة لا يجزئ عتقها في كفارة القتل لم يجز عتقها في سائر الكفارات ، قياساً على المعيبة وقد مضت هذه المسألة في كتاب الظهار مستوفاة .