الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص317
يقدر على التكفير بالمال لغيبته عنه ، فهو على مذهب الشافعي في حكم الموسر ، ولا يجوز له الصيام حتى يقدر على ماله فيكفر بالمال .
وقال أبو حنيفة : هو في حكم المعسرين يجوز له أن يكفر بالصيام ، لأنه لما حل له أن يأخذ من الزكاة والكفارة لحاجته جرى عليه حكم الفقر من كفارته ، وهذا خطأ لأن الحاجة مختصة بمكانه ، والكفارة معتبرة بإمكانه .
فإن قيل : أفليس المتمتع في الحج إذا كان معسراً في مكة موسراً في بلده كفر بالصيام كالمعسر ، فهلاً كان كذلك في كفارة الأيمان قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن مكان الدم في التمتع مستحق بمكة ، فاعتبر يساره أو إعساره بها ومكان الإطعام في غيره مطلق فاعتبر يساره وإعساره على الإطلاق .
والثاني : أن الصوم في كفارة التمتع معين للزمان في صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع فكان في تأخيره فوات بدله ، وليس لصيام اليمين زمان معين يفوت بتأخيره فافترقا .
أحدها : ما يفوت بتأخيره إلى حال الكمال ، وذلك مثل صلاة العريان والمتيمم وكفارة المتمتع ، ففرضه تعجيل أدائه على غنى .
والقسم الثاني : ما لا يفوت بتأخيره ولا يدخل عليه ضرر بالتأخير مثل كفارة اليمين والقتل وزكاة الفطر ففرضه إذا قدر على الكمال أن يؤخره إلى حال الإمكان .
والقسم الثالث : ما لا يفوت بتأخيره لكن يلحقه بالتأخير ضرر مثل كفارة الظهار يلحقه بتأخيرها ضرب في امتناعه من الجماع ففيه وجهان :
أحدهما : يجب تأخيرها باليسار في بلده حتى يعتق لأنه غنيُّ .
والوجه الثاني : يجوز أن يعجل التكفير بالصيام ؛ لأنه مستنصر ، وهكذا حكمه لو كان ضالاً أو مغصوباً لا يجوز أن يكفر حتى يقدر على ماله فيكفر به ، فإن تلف ماله قبل وصوله إليه لم يخل حاله من أحد أمرين :
أحدهما : أن يقدر على التكفير له قبل وصوله إليه بأن يكاتب أو يراسل إلى بلد المال بالتكفير عنه ، فلا يفعل حتى يتلف المال فهذا في حكم من كان موسراً عند الوجوب معسراً عند الأداء فيكون في تكفيره بالصيام على قولين :
أحدهما : يجوز أن يكفر به إذا اعتبر بها حال الأداء .