پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص316

المسألة فيما تقدم بفروعها .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ومن له أن يأخذ من الكفارة والزكاة فله أن يصوم وليس عليه أن يتصدق ولا يعتق فإن فعل أجزأه ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن مصرف الكفارات في الفقراء والمساكين خاصة ، ومصرف الزكاة في الفقراء والمساكين ، وفي بقية أهل السهمان الثمانية فاشترك الفقراء والمساكين في الكفارات والزكوات ، واختصت الزكاة ببقية الأصناف دون الكفارات هذا الكلام في مصرفها .

فأما وجوبها ، فكل من وجبت عليه الزكاة وجب عليه التكفير بالمال ، وقد يجب التكفير بالمال على من لا تجب عليه الزكاة إذا ملك أقل من نصاب ، وقد يجب التكفير بالمال على من يحل له الزكاة والكفارة ، وهو من وجدها فاضلة عن قوته وقوت عياله ، ولا يصير بفضلها غنياً ، فيجب عليه التكفير بالمال دون الصيام ، لوجودها في ملكه فاضلة عن كفاية وقته ، ويحل له أن يأخذ من الزكوات والكفارات لدخوله في حكم الفقر والمسكنة بعدم الكفاية المستديمة ، وقد يسقط التكفير بالمال ويعدل عنه إلى الصيام من يحرم عليه أخذ الزكاة والكفارة ، وهو الجلد المكتسب قدر كفايته في كل يوم من غير زيادة يكفر بالصيام دون المال لعدمه في ملكه ، وتحرم عليه الكفارة والزكاة ، لاستغنائه عنها بمكسبه .

فإن قيل : فإذا كان الأمر على هذا التفصيل فلم قال الشافعي : ومن له أن يأخذ من الكفارة والزكاة فله أن يصوم ؟ وقد قلتم فيما فضلتم : إنه قد يجوز أن يأخذ من الزكاة والكفارة من لا يجوز أن يصوم عنه في الكفارة ، فمنه جوابان :

أحدهما : أن الشافعي أشار إلى الأغلب من أحوال الناس ، والأغلب ما قاله .

والثاني : أن الشافعي قصد به أبا حنيفة حيث اعتبر الغنى والفقر بوجوب النصاب وعدمه ، وهو عنده معتبر بوجود الكفاية المستديمة فيكون غنياً ، وإن لم يملك نصاباً إذا كان مكتسباً بيديه ، ويكون فقيراً وإن ملك نصاباً إذا كان دون كفايته ، وقد أوضحنا ذلك في قسمة الصدقات .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ وإن كان غنياً وماله غائبٌ عنه لم يكن له أن يكفر حتى يحضر ماله إلا بالإطعام أو الكسوة أو العتق ‘ .

قال الماوردي : قال المزني : جعل حكمه حكم الموسر إذا كان المكفر ذا مالٍِ غائب ، إما بأن سافر عن مالٍ خلفه ببلده ، وإما بأن سافر بالمال وهو مقيم في بلده فلم