الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص315
جماعة العلماء إن تظاهر فلم يجد رقبةً أو أحدث فلم يجد ماءً فلم يصم ولم يدخل في الصلاة بالتيمم حتى وجد الرقبة والماء إن فرضه العتق والوضوء وقوله في جماعة العلماء أولى به من انفراده عنها ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن الكفارة تختلف باليسار والإعساء ففرض الموسر أن يكفر بالمال وفرض المعسر أن يكفر بالصيام ، وقد يختلف اليسار والإعسار ، فيكون عند الوجوب موسراً ، وعند التكفير معسراً ، وقد يكون عند الوجوب معسراً ، وعند التكفير موسراً ، فاختلف قول الشافعي هل يعتبر بالكفارة حال الوجوب أو يعتبر بها حال الأداء على قولين منصوصين وثالث مخرج .
أحدها : أن المعتبر بها حال الوجوب وهو المنصوص عليه في هذا الموضع من كتاب الأيمان ، فإذا حنث وهو موسر فلم يكفر بالمال حتى أعسر ففرضه التكفير بالمال دون الصيام وتكون الكفارة باقية في ذمته حتى يوسر فيكفر ، ويستحب له أن يعجل بالتكفير بالصيام استظهاراً حذراً من فوات التكفير بالموت لاستدامة الإعسار ولم يسقط عنه فرض التكفير بالصيام ، ولو كان معسراً عند الحنث ففرضه التكفير بالصيام ، فإن عدل عنه إلى التكفير بالمال أجزأ لأنه عدل عن الأخف إلى الأغلظ ، ووجه هذا القول في اعتبار الكفارة بحال الوجوب شيئان :
أحدهما : إلحاقها بالحدود ، لقول النبي ( ص ) ‘ وما يدريك لعل الحدود كفاراتٌ ‘ والحدود معتبرة بحال الوجوب دون الفعل ، لأن العبد إذا زنا فلم يحد حتى أعتق حد حد العبيد ، والبكر إذا زنا فلم يحد حتى أحصن حُدَّ حَدَّ الأبكار ، وكذلك الكفارات .
والثاني : أن التكفير لذنبٍ متقدم ، فاعتبر بحال الوجوب لقربه من سببه .
والقول الثاني : أن المعتبر بالكفارة حال الأداء دون الوجوب نص عليه الشافعي في كتاب الظهار فإذا حنث وهو موسر فلم يكفر حتى أعسر كان فرضه التكفير بالصيام ، ولو حنث وهو معسر فلم يكفر حتى أيسر كان فرضه التكفير بالمال ، ووجه هذا القول في اعتبار الكفارة بحال الأداء شيئان :
أحدهما : إلحاقها بالطهارة ، لأن كل واحدة منها ذات بدلٍ فلما اعتبرت الطهارة بحال الأداء فكذلك الكفارة .
والثاني : أنها مواساة فاعتبرت بأقرب الأحوال من مواساته .
والقول الثالث : وهو مخرج أن المعتبر بالكفارة أغلظ الأمرين من حال الوجوب أو حال الأداء ؛ لأنها تكفير عن ذنب ، فكانت بالتغليظ أخص ، وقد استوفينا هذه