الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص314
ولأن الصلاة كالإيمان لأنها قولٌ وعملٌ ونيةٌ ، ثم لم تجز النيابة في الإيمان إجماعاً فلم تجز في الصلاة حجاجاً ، فأما ركعتا الطواف ؛ فلأنها تبع لما تصح فيه النيابة فخصت بالجواز ؛ لاختصاصها بالمعنى ، وما ذكروه من الحج فقد تقدم اختصاصه بالنيابة لاختصاص وجوبه بالمال .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، يكره إن تصدق بصدقة عن واجب أو تطوع أن يشتريها من المعطى ، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يشتري فرساً تصدق به في سبيل الله يقال له : الورد ، فقال له النبي ( ص ) : ‘ لا تعد في صدقتك ولو أعطيتها بفقيرٍ ، ودعها حتى تكون هي ونتاجها لك يوم القيامة ‘ ، ولأن من عرف المعطى أن يسمح في بيعها على المعطى ، فصار بالابتياع كالراجع في بعض عطيته ، فإن ابتاعها صح الابتياع على مذهب الشافعي وأكثر الفقهاء وقال مالك : لا يصح الابتياع وتعاد إلى البائع احتجاجاً بما مضى ، ودليلنا ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تحل الصدقة لغنيٍّ إلا لخمسة ‘ ذكر منها رجلاً رأها تباع فاشتراها فكان على عمومه ولأنه لما جاز أن يملكها ميراثاً جاز أن يملكها ابتياعاً كغيره من الرجال ولأنه لما جاز أن يبتاعها غيره من الرجال جاز أن يكون هو المبتاع كغيرها من الأموال ، وما قدمناه من الاستدلال محمول على التنزيه دون التحريم .
قال الماوردي : إذا كان له مسكن لا يستغني عنه ، وخادم لا يجد بدا منه جاز له أن يأخذ من الزكاة والكفارة ، وجاز أن يكفر بالصيام دون المال ولو كان مفلساً بيع ذلك في دينه ، وإن لم يبع في كفارته ، لأن في حقوق الآدميين مشاحة ، وفي حقوق الله تعالى مسامحة ، فإن كان في ثمن مسكنه أو في ثمن خادمه فضل يكون به غنياً حرمت عليه الزكاة والكفارة وإن كان فيهما فضل للتكفير بالمال لم يجزه التكفير بالصيام .