الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص313
قال الماوردي : أما الصيام عن الحيِّ فلا يجوز إجماعاً بأمر أو غير أمرٍ ، عن قادر أو عاجز ، للظاهر من قول الله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ) ( النجم : 39 ) ولأن ما تمحض من عبادات الأبدان لا تصح فيها النيابة ، كالصلاة ، وخالف الحج ، لأنه لما تعلق وجوبه بالمال لم يتمحض على الأبدان ، فصحت فيه النيابة كالزكاة .
فأما الصيام عن الميت فقد وقفه الشافعي في القديم على صحة الخبر المروي فيه أن امرأة سألت رسول الله ( ص ) عن صوم نذر كان على أمها ؟ فماتت قبل صيامه ، فأجاز لها أن تصوم عنها .
وقد حكى أبو علي بن أبي هريرة عن أبي بكر النيسابوري أن الخبر قد صح فصار مذهبه في القديم جواز الصيام عن الميت وهو مذهب مالك وأحمد ، وقد روى عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليه ‘ ؛ ولأنها عبادة يدخل في جبرانها المال فصحت فيها النيابة كالحج طرداً والصلاة عكساً ، ودخول المال في جبرانها من وجهين :
أحدهما : جبران الصيام في الوطء بالكفارة .
والثاني : عجز الشيخ الهم عن الصيام ، وانتقاله إلى إخراج مد عن كل يوم ، وقال في الجديد : إن النيابة في الصيام لا تجوز بحالٍ عن حيٍّ ولا ميت ، وهو مذهب أبي حنيفة وأكثر الفقهاء ؛ لرواية عبد الله بن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ من مات وعليه صيامٌ أطعم عنه وليه ‘ ولأنها عبادة على البدن لا يتعلق وجوبها بالمال ، فلا تصح فيها النيابة كالصلاة طرداً ، والحج عكساً ، فأما الخبر فمعلول وإن صح كان محتملاً أن يريد بالصيام عن الميت الصدقة عن كل يوم بمد .
أحدهما : أنه لما جازت النيابة في ركعتي الطواف إجماعاً جازت في غيرها من الصلوات قياساً .
والثاني : أنه لما صحت النيابة في الحج والعمرة مع العجز دون القدرة ، وصحت في الزكاة مع العجز والقدرة لم تخرج النيابة في الصلاة عن أحدهما ، وذهب جمهور الفقهاء وسائر العلماء إلى أن النيابة في الصلاة لا تصح بحال مع قدرة ولا عجز ؛ لقول العلماء إلى أن النيابة في الصلاة لا تصح بحال مع قدرة ولا عجز ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثٍ حج بقضاءٍ ، أو دينٍ يؤدى ، أو صدقةٍ جاريةٍ ‘