پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص311

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو أن رجلاً كفر عن رجلٍ بغير أمره فأطعم أو أعتق لم يجزه وكان هو المعتق لعبده فولاؤه له ‘ .

قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال من كفر عن غيره بغير إذنه من أن يكون مكفراً عن حيٍّ أو ميت ، فإن كفر عن حيٍّ لم يجز الكفارة عن الحي ؛ لأن النية فيها مستحقة ، وعدم الإذن مانع من صحة النية ، فكان ما أخرجه النائب واقعاً عن نفسه ، فإن كان إطعاماً كان صدقة ، وإن كان عتقاً كان تطوعاً منه وله ولاؤه ، وإن نواه عن غيره كمن حج عن حيٍّ بغير أمره ، كان الحج واقعاً عن الحاج دون المحجوج عنه . وقد اختلف الفقهاء في ولاء من أعتق عبده عن غيره ، فجعله أبو حنيفة للمعتق بكل حالٍ ، وجعل مالك للمعتق عنه بكل حال ، وجعله الشافعي للمعتق إن أعتق بغير أمره ، وللمعتق عنه إن أعتق بأمره ، وإن كفر عن ميت فلا يخلو أن يكون بوصية أو بغير وصية ، فإن كان بوصية كانت الوصية أمراً ، فيصير كالمكفر بأمرٍ ، فيكون على ما مضى ، فإن كفر عنه بغير وصية منه ، فلا يخلو المكفر عنه من أن يموت موسراً أو معسراً ، فإن مات موسراً فوجوب الكفارة باق في تركته ، فإن كفر عنه منها غير وارث ولا ذي ولاية كان ضامناً متعدياً ، ولم يسقط به الكفارة وإن كفر عنه منها وارث ، فإن كان التكفير طعاماً أجزأ ، وصار كقضاء الديون الواجبة عنه ، وإن كان التكفير عتقاً فضربان :

أحدهما : عتق لا تخيير فيه كالعتق في كفارة الظهار والقتل ، فيجزئ ، وإن كان بغير أمر ولا وصية ، لأنه عتق مستحق ، فإذا فات من ضمنه بالموت وجب على من قام مقامه في ماله كالحج لا يجوز أن يحج عنه في حياته إلا بإذنه ، ويجب على وارثه الحج عنه فيما وجب بعد موته .

والضرب الثاني : أن يكون عتقاً فيه تخيير ، كالعتق في كفارة اليمين ، ففيه وجهان :

أحدهما : لا يصح لأن التخيير فيه يمنع من تعيين وجوبه .

والوجه الثاني : يصح ، لأنه إذا ناب عن واجب صار واجباً وهذان الوجهان بناء على اختلاف أصحابنا في ما وجب في كفارة اليمين وسائر كفارات التخيير هل وجب بالنص أحدها ، أو وجب به جميعها ، وله إسقاط الوجوب بأحدهما ، فأحد وجهي أصحابنا أن الواجب بالنص أحدها على وجه التخيير ، فعلى هذا لا يصح العتق .