الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص310
لأنه مخير في ملكه دون المأمور ، فعلى هذا يكون عتقه باطلاً ؟ والعبد على رقه والكفارة باقية في ذمة الآمر .
أحدها : وهو مذهب الشافعي ، أنه يجزئ سواء كان بجعل أو بغير جعلٍ .
والثاني : وهو مذهب مالك ، لا يجزئ سواء كان بجعل أو بغير جعل .
والثالث : وهو مذهب أبي حنيفة أنه يجزئ إن كان بجعل ، ولا يجزئ إن كان بغير جعل .
ودليلنا وإن كان قد مضى في كتاب الظهار مستوفى ، أنه إن كان بجعل جرى مجرى البياعات ، وإن كان بغير جعل جرى مجرى الهبات ، والإخراج فيها قبض يلزم به الهبة ، ويستقر به البيع ، فإن قيل : فكيف يصح ملك الآمر له ، حتى يجزئه في كفارته ، قيل : قد حكى فيه أبو علي بن أبي هريرة وجهين خرجهما من اختلاف قولي الشافعي في دية النفس ، هل يملكها المقتول في آخر أجزاء حياته ، أو يملكها الورثة في أول أجزاء موته ، ويجري عليها في قضاء ديونه ، وإنفاذ وصاياه ، حكم ملكه على قولين كذلك هاهنا على وجهين :
أحدهما : أنه يصير بإخراجها مالكاً لها قبل إخراجها ، فإن كان عتقاً بان بالعتق أنه كان ملكاً له قبل العتق ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي فيما نص عليه في هذا الموضع قال الشافعي لأنه ملكه قبل العتق .
والوجه الثاني : أنه ليس بمالك ، وإنما يجري عليه حكم الملك ، لأنه قبل العتق لا يملك ، وبعد العتق لا يصح أن يملك ، فصار حكم الملك جارياً عليه ، وإن لم يملك كما نقول في حافر البئر إذا تلف فيها حيوان بعد موته كان في حكم الجاني عليه ، وإن لم يكن جانياً ، لأنه قبل موته لم يجن ، وبعد موته لا يصح منه الفعل ، فجرى عليه حكمه وإن لم يفعل ، ويكون ولاء المعتق للآمر على الوجهين معاً ، ومثل هذين الوجهين في التكفير إذا قال : ألق متاعك في البحر وعليّ قيمته ، هل يصير مالكاً له قبل إلقائه أم لا على هذين الوجهين .
أحدهما : أننا نعلم قبل إلقائه أنه قد كان مالكاً له قبل إلقائه .
والوجه الثاني : أنه لا يصير مالكاً له ، وإنما يجري عليه حكم الملك ، لأنه قبل الإلقاء لم يملك ، وبعد الإلقاء لا يصح أن يملك .