الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص266
وقتادة تعلقاً بقول الله تعالى : ( ذَلَكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانَكُمْ إِذَا طَلَّقْتُمْ ) ( المائدة : 89 ) فعلق الكفارة باليمين دون الحنث .
والدليل على فساد هذا القول ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ والله لأغزون قريشاً ‘ فغزاهم ولم يكفر . وقوله : ( ذَلَكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانَكُمْ إِذَا حلفْتُمْ ) ( المائدة : 89 ) يعني : وحنثتم ، كما قال : ( فَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فِعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ ) ( البقرة : 184 ) أي : فأفطرتم ، فعدة من أيام أخر ، فحذف ذلك لدلالة الكلام عليه ، وإن حنث في يمينه وجبت الكفارة عليه . سواء كان حنثه طاعة أو معصية .
وذهب الشعبي وسعيد بن جبير إلى أنه لا كفارة في حنث الطاعة ، وإنما تجب في حنث المعصية ؛ لأن فعل الطاعة مأمور به ، وغير آثم فيه ، فلم يحتج إلى تكفير كالقتل ، إن أثم به كفر ، وإن لم يأثم به لم يكفر ، وهذا خطأ ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خيرٌ وليكفر عن يمينه ‘ وليس يمتنع أن يكفر في فعل الطاعة كالمحرم إذا اضطر إلى أكل الصيد كان مطيعاً في قتله ، وعليه أن يكفر بالجزاء وكالقاتل الخطأ ليس يأثم ، وعليه الكفارة .
والأصح عندي من إطلاق هذين المذهبين أن يعتبر حال اليمين ، فإن كان عقدها طاعة وحلها معصية وجبت باليمين والحنث ، لأن التكفير بالمعصية أخص والله أعلم .
قال الماوردي : قد مضى اليمين على الفعل المستقبل ، فأما اليمين على الفعل الماضي فضربان :