پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص264

محدث ، فوجب أن لا تلزمه كفارة كما لو حلف بالسماء والأرض والملائكة والأنبياء ، ولأنه منع نفسه من فعل بأمر محظور ، فوجب أن لا تكون يميناً توجب التكفير ، كما لو قال : إن كلمت زيداً فأنا فاسق ، أو فعليّ قتل نفسي أو ولدي .

فأما الجواب عن عموم الآية والخبر فهو أن إطلاقها محمول على اليمين بالله ، لأنها اليمين المعهودة ، في عرف الشرع والاستعمال .

وأما الجواب عن حديث ثابت بن الضحاك مع ضعفه فهو أنه يكون دليلاً لنا أشبه من أن يكون دليلاً علينا ؟ لأنه لما لم يصر بالحنث خارجاً من الإسلام دل على أنه خرج مخرج الزجر كما قال : ‘ من قتل عبداً قتلناه ‘ . جعل الوعيد يوجب يمينه دون الكفارة ولو وجبت لأبانها .

وأما الجواب عن استدلالهم توكيد حرمتها ، وحظر مخالفتها ، فهو أنه لا حرمة لهذه اليمين لحظرها وتحريمها ، ولأن الحظر إنما توجه إلى التلفظ بها ، فلم يبق للحظر ، والتحريم حرمة من الالتزام والتكفير .

وأما الجواب عن استدلالهم بتغليظ البراءة من الله ، فهو أن البراءة من الله كفر ، ولا يجب بالكفر تكفير كالمرتد والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ وأكره الأيمان على كل حالٍ إلا فيما كان لله عز وجل طاعةً ومن حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيراً منها فالاختيار أن يأتي الذي هو خيرٌ ويكفر لأمر رسول الله ( ص ) بذلك ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن الأيمان بالله ضربان :

أحدهما : ما كان على ماضٍ والكلام فيه يأتي .

والضرب الثاني : ما كان على فعل مستقبل ، وهو على خمسة أقسام :

أحدها : ما كان عقدها ، والمقام عليها طاعة ، وحلها والحنث فيها معصية ، وهو أن يحلف على فعل الواجبات كقوله : والله لأصلين فرضي ؟ ولأزكين مالي ، ولأصومن شهر رمضان ، ولأحجن البيت الحرام فقعدها والمقام عليها طاعة ، لأنها تأكيد لفعل ما فرضه الله تعالى عليه ، وحلها والحنث فيها بأن لا يصلي ولا يزكي ، ولا يصوم ، ولا يحج معصية ، لأنه ترك لمفروض ، وهكذا لو حلف أن لا يفعل محظوراً محرماً كقوله : والله لا زنيت ولا سرقت ولا قتلت ولا شربت خمراً ولا قذفت محصناً ، كان عقدها باجتناب هذه المعاصي طاعةً ، وحلها بارتكاب هذه المعاصي معصيةً .