الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص263
هي في استحقاق الوعيد ، لأنه ليس كل مكروه يستحق عليه الوعيد .
وقال أبو حنيفة : وصاحباه ، وسفيان الثوري ، وأحمد وإسحاق ، تنعقد يمينه وتلزم الكفارة إن حنث استدلالاً بقول الله تعالى : ( ذَلَكَ كَفَّارَةُ أيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) ( المائدة : 89 ) ، فكان على عمومه .
وربما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من حلف على يمينٍ ، ورأى غيرها خيراً منها ، فليأت الذي هو خيرٌ ، وليكفر عن يمينه ‘ ولم يفرق .
وبما روى ثابت بن الضحاك أن النبي ( ص ) قال : ‘ من حلف بملةٍ غير ملة الإسلام كاذباً ، فهو كما قال ، فإن كان صادقاً لم يرجع إلى الإسلام سالماً ‘ فجعلها يميناً ، وقد قال الله تعالى : ( وَلاَ تَنْقُضَوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ) ( النحل : 91 ) . فدل على لزومها ، ولأن لزوم اليمين بالله لتوكيد حرمتها وحظر مخالفتها ، وهذا المعنى موجود فيما عقده من الكفر بالله تعالى ، والبراءة منه ، ومن الإسلام ، فوجب أن يستويا في اللزوم وفي الكفارة ، ولأن البراءة من الله أغلظ مأثماً ، وأشد حظراً من الحلف بالله ، فلما انعقدت اليمين ، ولزم التكفير في أحق المأثمين كان لزومها في أغلظهما أولى .
ودليلنا قول الله تعالى : ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ) ( الأنعام : 109 ) . فجعلها غاية الأيمان وأغلظها ، فلم تتغلظ اليمين بغير الله .
وروى محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ، ولا تحلفوا إلا بالله ، ولا تحلفوا بالله ، إلا وأنتم صادقون ‘ .
وهذا نص .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من خلف بغير الله فكفارته أن يقول : لا إله إلا الله ‘ .
وروي أنه قال : ‘ فقد أشرك ‘ فدل على سقوط الكفارة في اليمين بغير الله ؟ ولأنه حلف بغير الله ؟ فوجب أن لا تلزمه كفارة ؟ كما لو قال : إن فعلت كذا فأنا زانٍ أو شارب خمر أو قاتل نفس ، ولأن حلف بمخلوقٍ يحدث لأنه اعتقاد الكفر وبراءته من الإسلام