الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص262
يريد بها فروض الله ، فتكون من صفات أفعاله ، فلم تنعقد به اليمين مع احتمال الأمرين إلا أن يريد بها اليمين ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهو كما قال ، اليمين بغير الله من المخلوقات كلها مكروهة ، سواء حلف بمعظم كالملائكة ، والأنبياء ، أو بغير معظم ، لرواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) ‘ أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركبٍ ، وحلف بأبيه ، فقال : ‘ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ‘ .
وروى الشافعي عن سفيان عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : سمع النبي الله عمر يحلف بأبيه ، فقال : ‘ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ‘ قال عمر : فوالله ما حلفت بها ذاكراً ولا آثراً ، وفيه تأويلان :
أحدهما : يعني : عامداً ، ولا ناسياً .
والثاني : معتقداً لنفسي ، ولا حاكياً عن غيري .
وروى ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ من حلف بغير الله فقد أشرك ‘ ، وفيه تأويلان :
أحدهما : فقد أشرك بين الله وبين غيره في التعظيم ، وإن لم يصر من المشركين الكافرين .
والثاني : فقد أشرك بالله ، فصار كافراً به إن اعتقد لزوم يمينه بغير الله كاعتقاد لزومها بالله .
فإن قيل : فقد روي عن النبي ( ص ) أنه حلف بغير الله ، فقال للأعرابي : ‘ . . وأبيه إن صدق دخل الجنة ‘ ، وقال لأبي العشراء الدارمي : ‘ وأبيك لو طعنت في فخذه لأجزأك ‘ ، فعنه جوابان :
أحدهما : أنه لم يخرج مخرج اليمين ، وإنما كانت كلمة تخف على ألسنتهم في مبادئ الكلام .
والثاني : أنه يجوز أن يكون ذلك في صدر الإسلام قبل النهي .
وقول الشافعي : ‘ وأخشى أن يكون معصية ‘ .