پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص261

بالمدح بها ، ولا يصير بهما حالفاً إن خرجا مخرج الذم لانتفائه في صفاته .

فهذه ثمانية أقسام تعتبر بها أسماء الله تعالى ، إذا حلف بها فيحمل جميع ما جاء به الأثر من أسمائه عليها ، فإنه لا يخرج من أحدها .

( فصل : )

فأما صفات الله تعالى فضربان :

أحدهما : صفات ذاته .

والثاني : صفات أفعاله .

فأما صفات ذاته فقديمة لقدم ذاته ، وذلك مثل قوله : وقدرة الله ، وعظمة الله ، وجلال الله ، وعزة الله ، وكبرياء الله ، وعلم الله ، لأنه نزل على هذه الصفات ذات قدرة ، وعظمة ، وجلال ، وعزة ، وكبرياء ، وعلم ، فجرت هذه الصفات اللازمة لذاته مجرى الموصوف ، فجرى عليها حكم أسمائه في انعقاد اليمين بها في وجوب الكفارة فيها .

وقال أبو حنيفة : إذا حلف بعلم الله لم يكن يميناً ، وأجراها مجرى معلومه ، ولو حلف بمعلوم الله لم يكن يميناً ، كذلك إذا حلف بعلمه .

وهذا فاسد ، لأن العلم من صفات ذاته ، فانعقدت به اليمين كالقدرة والعظمة ، والفرق بين العلم والمعلوم أن المعلوم منفصل عن ذاته ، والعلم متصل بها وأما صفات أفعاله فهي محدثة غير لازمة كقوله : وخلق الله ، ورزق الله ، فلا يكون حالفاً بها لخلوها منه قبل حدوثها ، واليمين بالمحدثات غير منعقدة كذلك ، ما كان محدثاً من صفات أفعاله .

فأما أمانة الله فهي كصفات أفعاله لا ينعقد بها يمين إلا أن يريد اليمين ، وأجراها أبو حنيفة مجرى صفات ذاته ، فعقد بها اليمين ، وأوجب فيها الكفارة .

ودليلنا هو أن أمانة الله فروضه التي أمر بها عبيده ، وأوجب عليهم فعلها قال الله تعالى : ( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاُ ) ( الأحزاب : 72 ) .

وقد كان علي بن أبي طالب – عليه السلام – إذا دخل عليه وقت الصلاة اصفر مرة ، واحمر مرة ، وقال أتتني الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال ، فأبين أن يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملتها أنا ، فلا أدري أسيءُ فيها أو أحسن . وإذا كان كذلك دل على أن أمانة الله محدثة ، فلم يلزم بها الكفارة .

فإن قيل : معنى أمانة الله أنه ذو أمانة ، وذلك من صفات ذاته .

قيل : يحتمل أنه يريد بأمانة الله أنه ذو أمانة ، فيكون من صفات ذاته ، ويحتمل أن