الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص257
وعلى كلا الوجهين يكون الحالف بالإله منعقد اليمين في الظاهر والباطن إن كان من أهل الملل ، لأن جميع أهل الملل ليس لهم إله غير الله ، وإن كان من غير أهل الملل من عبدة الأصنام ، انعقد به اليمين في الظاهر ، وكان في الباطن موقوفاً على إرادته ، لأنهم يجعلون هذا الاسم مشتركاً بين الله تعالى وبين أصنامهم التي يعبدونها .
أحدها : أنه مأخوذ من المالك ، كما يقال : رب الدار أي مالكها .
والثاني : أنه مأخوذ من السيد ، لأن السيد يسمى رباً قال الله تعالى : ( أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً ) ( يوسف : 36 ) . يعني : سيده .
والثالث : أنه الرب المدبر ، ومنه قول الله تعالى : ( وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ ) ( المائدة : 44 ) . وهم العلماء سموا ربانيين ، لقيامهم بتدبير الناس بعلمهم وقيل : ربة البيت ، لأنها تدبره .
والرابع : أن الرب مشتق من التربية ، ومنه قول الله تعالى : ( وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي في حُجُورِكِمُ ) ( النساء : 23 ) . فسمي ولد الزوجة ربيبة ، لتربية الزوج لها ، فعلى هذا إن قيل : إن صفة الله تعالى بأنه رب ، لأنه مالك أو سيد ، فذلك صفة من صفات ذاته .
وإن قيل : لأنه مدبر لخلقه أو مربيهم ، فذلك صفة من صفات فعله ، وصفات ذاته قديمة ، وصفات فعله محدثة ، وهما في اشتقاق الاسم منه على السواء ، لأنه يكون حالفاً بالاسم دون الصفة ، وإن كانت اليمين بالصفتين مختلفة ، تنعقد بصفة الذات لقدمها ، ولا تنعقد بصفة الفعل ، لحدوثها .
فإذا تقرر اشتقاقه انقسمت اليمين به أربعة أقسام :
أحدها : ما يكون به حالفاً في الظاهر والباطن ، وهو أن يصفه بما لا يستحقه إلا الله تعالى ، وهو أن يقول : رب العالمين ، أو رب السموات والأرضين ، فهذا حالف به في الظاهر والباطن ، لأنه وصفه بما اختص الله تعالى به دون غيره فإن قال : أردت غير الله لم يقبل منه .
والقسم الثاني : ما يكون به حالفاً في الظاهر ، ويجوز أن يكون غير حالف به في الباطن ، وهو أن يقول : والرب ، فيدخل عليه الألف واللام ، ولا يعرفه بصفة ، فيكون حالفاً به في الظاهر ، فإن قال : أردت به رب الدار ، دين في الباطن ، ولم يكن به حالفاً لاحتماله ، وكان حالفاً به في الظاهر لإطلاقه .
والقسم الثالث : ما لا يكون به حالفاً في الظاهر ، ويجوز أن يكون حالفاً به في