پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص255

قال الماوردي : اعلم أن الأيمان معقودة بمن عظمت حرمته ، ولزمت طاعته وإطلاق هذا مختص بالله تعالى ، فاقتضى أن يكون اليمين مختصة بالله جلت عظمته ، وله أسماء وصفات .

فأما أسماؤه فأخصها به قولنا : الله ، لأن أحداً لم يتسم به ، وقد قيل : إنه اسمه الأعظم ، وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى : ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِياً ) ( مريم : 65 ) . أي : من يتسمى باسمه الذي هو : الله ؟

والتأويل الثاني فيه : هل تعلم له شبيهاً ؟

واختلفوا في هذا الاسم ، هل هو علم لذاته ، أو اسم مشتق من صفاته على قولين :

أحدهما : أنه اسم علم لذاته غير مشتق من صفاته ، لأن أسماء الصفات تكون تابعة لأسماء الذات ، فلم يجد بداً من اختصاصه باسم ذات يكون علماً ، لتكون أسماء الصفات تبعاً ، وهذا قول الخليل والفضل .

والقول الثاني : أنه اسم مشتق من ‘ اله ‘ صار بناء اشتقاقه عند حذف همزه ، وتفخيم لفظة : الله ، فالحالف بهذا الاسم حالف بيمين منعقدة لا يرجع فيها إلى إرادة الحالف به ، وسواء قيل : إنه اسم علم لذاته ، أو مشتق من صفاته ، لأنه لا ينطلق على غيره .

وفي معنى الحلف بهذا الاسم أن تقول : والذي خلقني ، أو والذي صورني ، فتنعقد به يمينه ، لأن الذي خلقه وصوره هو الله ، فصار كقوله : والله ، ولا يكون هذه يميناً باسم مكنى ، لأنه صريح لا يحتمل غيره .

وهكذا لو قال : والذي أصلي له ، أو أصوم له ، أو أزكي له ، أو أحج له ، انعقدت يمينه كقوله : والله ، لأن صلاته وصيامه وزكاته وحجه لله لا لغيره .

( فصل : )

فأما غير هذا الاسم العلم من أسمائه تعالى ، فينقسم ثمانية أقسام :

أحدهما : ما يجري في اختصاصه به مجرى العلم من أسمائه ، وهو : الرحمن ، فيكون المحالف به كالحالف بالله لأمرين :

أحدهما : أنه ليس يتسمى به غيره من خلفه ، ولئن طغى مسيلمة الكذاب ، فتسمى : رحمان اليمامة ، فهي تسمية إضافة لم يطلقها لنفسه ، فصار كمن لم يتسم به .

والثاني : أنه تعالى أضاف إلى هذا الاسم ما اختص به من قدرته ، وتفرد به من خلقه فقال : ( الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشْ اسْتَوَى ) ، فأجراه مجرى العلم من أسمائه الذي هو الله .