الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص253
وقال تعالى : ( لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذْكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) ( البقرة : 225 ) .
واللغو في كلام العرب هو ما كان قبيحاً مذموماً ، وخطأً مذموماً مهجوراً ، ومنه قوله تعالى : ( وِإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) ( القصص : 55 ) .
وفي لغو الأيمان سبعة تأويلات ، وقد أفرد الشافعي لذلك باباً يذكر فيه ، وفي ترك المؤاخذة به وجهان :
أحدهما : لا يؤاخذ فيه بالكفارة .
والثاني : لا يؤاخذ فيه بالإثم .
وفي قوله تعالى : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بَمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) تأويلان :
أحدهما : ما قصدتم من الأيمان .
والثاني : ما اعتمدتم من الكذب ، ( وَاللهُ غَفُورٌ ) لعباده فيما لغوا من أيمانهم ( حَلِيمٌ ) في ترك معاجلتهم بالعقوبة على معاصيهم .
وقال تعالى : ( لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذْكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ ) ( المائدة : 89 ) . وعقدها هو لفظ باللسان ، وقصد بالقلب ، لأن ما لم يقصده من أيمانه هو لغوٌ لا يؤاخذ له .
وفي تشديد قوله ( عَقَّدْتُمْ ) تأويلان :
أحدهما : تغليظ المأثم بتكرارها .
والثاني : أن تكرارها في المحلوف عليه إذا كان واحداً لم يلزم فيه إلا كفارة واحدة .
ثم قال تعالى : ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشْرَة مَسَاكِينَ ) ( المائدة : 89 ) . فيه وجهان :
أحدهما : أنها كفارة ما عقدوه من الأيمان ، قاله الحسن ، وقتادة .
والثاني : أنها كفارة الحنث بعد عقد الأيمان ، ولعله قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والأصح عندي من إطلاق هذين الوجهين أن يعتبر حال اليمين في عقدها وحلها ، فإنها لا تخلو من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون عقدها طاعة ، وحلها معصية .
كقوله : والله لا قتلت نفساً خيرة ، ولا شربت خمراً .
فإذا حلف ، بقتل النفس ، وشرب الخمر ، فكانت الكفارة لتكفير مأثم الحنث دون عقد اليمين .