الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص250
وجهاً واحداً لعلتين إحداهما : ما قدمناه من أن المقابلة حق لهم ، كالترتيب ، فلم يجز أن يمنعوا من حق بالحجر عليهم .
والثانية : أنه عقد واحد يجير خطأ أحدهم بإصابة غيره ، وإذا عينوا واحداً صارت عقوداً تقتضي أن لا يجبر خطأ واحد بإصابة غيره ، فبطل .
قال الماوردي : إذا استحق أحد المتناضلين أن يبتدئ بالرمي ، إما بشرط أو قرعة ، فبدأ صاحبه بالرمي ، وتقدم عليه كان رميه مردوداً عليه لا يحتسب له بصوابه ، ولا يحتسب عليه بخطئه لخروج رميه عن حكم عقده ، فصار رمياً في غير عقد ، وكذلك لو كان المبتدئ أن يرمي رشقه خمسة أسهم ، فرمى عشرة أسهم لم يحتسب بما زاد على الخمسة في صواب ولا خطأ لخروجه عن حكم العقد ، وأعاد رميها في نوبته ، واحتسب فيها بما زاد من صوابه أو خطئه .
قال الماوردي : أما المضربة ، فجلد يلبسه الرامي في يده اليسرى يقي إبهامه إذا جرى السهم عليه بريشه ، يقال : مضربة بضم الميم وتشديد الضاد ، ويقال : مضربة بفتح الميم وتسكين الضاد ، وهو أفصح .
وأما الأصابع فجلد يلبسه الرامي في إبهامه وسبابته من يده اليمنى لمد الوتر وتفويق السهم ، فإن كانا من جلد نجس من كلب أو خنزير أو ميتة أو من غير مأكول اللحم إذا لم يدبغ ، لم تجز الصلاة فيهما لنجاستهما ، وإن كانا طاهرين من ذكي مأكول أو من ميتة أو ما لا يؤكل إذا دبغا ، فطهارتهما لا تمنع من استحقاق الصلاة إذا لم تسقط من فروضها شيئاً ، ويمنع من لبس ما أسقط شيئاً من فروضهما ، فعلى هذا يجوز أن يلبس الأصابع في الصلاة ، وفي جواز لبس المضربة ، قولان ، لأن بطون الأصابع لا يلزم مباشرة الأرض بها في السجود وفي لزوم مباشرته الأرض بباطن كفه في السجود قولان : إن قيل بوجوب السجود على اليدين فكانت الأصابع غير مانعة من فرضٍ ، وفي منع المضربة من العوض قولان .