الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص247
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا اجتمع رماة الحزبين ، ولم يتميزوا في كل واحدة من الجهتين ، فقال أحد الزعيمين : أنا أخرج مال السبق على أن أختار لحزبي من أشاء أن تكون أنت المخرج على أن تختار لحزبك من تشاء ، لم يجز ، وكان هذا الشرط فاسداً ، لأن كلا الأمرين من إخراج المال وتعيين الحزب لا يصح إلا عن مراضاة ، فلم يجز أن يكون أحدهما مشروطاً بالآخر لخروجه عن الاختيار إلى الالتزام ، وهكذا لو قال : إن كان فلان معي فمال السبق عليك ، وإن كان معك فمال السبق عليّ لم يصح لما ذكرناه .
قال الماوردي : وفيها تأويلان :
أحدهما : أن يقترع الزعيمان على أن أيهما قرع كان المقروع مخرج السبق لم يجز ، وكذلك لو كان القارع مخرج السبق لم يجز أيضاً ، لأنه عقد مراضاة لا مدخل للقرعة في عرضه .
والتأويل الثاني : أن يتناضل الزعيمان سهماً واحداً ، فإن أصابه أحدهما ، وأخطأه الآخر كان المخطئ ملتزم المال ، في عقد النضال المستقبل ، فهذا أيضاً لا يجوز .
قال الشافعي : ‘ لأن هذا مخاطرة ‘ .
وهكذا لا يجوز أن يقول أحد الزعيمين : أنا أرمي بسهمي هذا ، فإن أصبت به ، كان مال السبق عليك ، وإن أخطأت به كان حال السبق عليّ ، لأنها مخاطرة ، وجارية مجرى المقارعة .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا اجتمع الزعيمان للعقد ، وهو غريب لم يعرفوه ، فأخذه أحد الزعيمين في حزبه ، ودخل في عقده ، وشرعوا في الرمي ، فله حالتان :
إحداهما : أن لا يحسن الرمي ، ولا يكون من أهله ، فالعقد في حقه باطل ، لأنه معقود عليه ، في عمل معدوم منه ، فصار كمن استؤجر للكتابة ، وليس بكاتب ، وللصناعة ، وليس بصانع ، يكون العقد عليه باطلا ، كذلك من دخل في عقد الرمي ،