الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص243
لاشتراكهم في فعله مع ورود السنة عن النبي ( ص ) فيه برواية أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) مر بقوم يرمون ، فقال : ‘ ارموا ، وأنا مع بني الأذرع ‘ ، فأمسك القوم قسيهم ، وقالوا : يا رسول الله من كنت معه غلب ، فقال : ‘ ارموا ، فأنا معكم كلكم ‘ فدل على أنهم كانوا حزبين مشتركين ، ولأن مقصود النضال التحريض على الاستعداد للحرب ، وهو في الأحزاب أشد تحريضاً وأكثر اجتهاداً ، فإذا ثبت جوازه في الحزبين ، كجوازه بين الاثنين ، فلصحته خمسة شروط :
أحدهما : أن يتساوى عدد الحزبين ، ولا يفضل أحدهما على الأخر ، فيكونوا ثلاثة وثلاثة أو خمسة وخمسة أو أقل أو أكثر ، فإن فضل أحدهما على الآخر برجل بطل العقد ، لأن مقصوده معرفة أحذق الحزبين ؛ فإذا تفاضلوا تغالبوا بكثرة العدد لا بحذق الرمي .
والشرط الثاني : أن يكون العقد عليهم بإذنهم ، فإن لم يأذنوا فيه لم يصح ، لأنه عقد معاوضة متردد بين الإجارة والجعالة ، وكل واحد منهما لا يصح إلا بإذن واختيار فإن عقد عليهم من لم يستأذنهم بطل .
والشرط الثالث : أن يعينوا على متولي العقد منهم ، فيكون فيه متقدماً عليهم ، ونائباً عنهم ، فإن لم يعينوا على واحد منهم لم يصح العقد عليهم لأنه توكيل ، فلم يصح إلا بالتعيين ويختار أن يكون زعيم كل حزب أحذقهم وأطوعهم ، لأن صفة الزعيم في العرف أن يكون متقدماً في الصناعة مطاعاً في الجماعة ، فإن تقدموه في الرمي وأطاعوه في الاتباع جاز ، وإن تقدمهم في الرمي ، ولم يطيعوه في الاتباع لم يجز ، فإن غير المطاع لا تنفذ أوامره .
والشرط الرابع : أن يكون زعيم كل واحد من الحزبين غير زعيم الحزب الآخر لتصح نيابته عنهم في العقد عليهم مع الحزب الآخر ، فإن كان زعيم الحزبين واحداً لم يصح كما لا يصح أن يكون الوكيل في العقد بائعاً مشترياً .
والشرط الخامس : وهو مسألة الكتاب : أن يتعين رماة كل حزب منها ، قبل العقد ، باتفاق ومراضاة ، فإن عقده الزعيمان عليهم ليقترعوا على من يكون في كل حزب لم يصح .
مثاله : أن يكون الحزبان ثلاثة وثلاثة ، فيقول الزعيمان : نقترع عليهم ، فمن خرجت قرعتي عليه كان معي ، ومن خرجت قرعته عليه كان معك ، فهذا لا يصح ، لأمرين :
أحدهما : أنهم أصل في عقد ، فلم يصح عقده على القرعة ، كابتياع أحد العينين بالقرعة .