الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص239
قال الماوردي : لا يخلو حال الرمي من حالين :
أحدهما : أن يكون معقوداً على رشق واحد يمكن رمي جميعه في يوم واحد ، فهذا يجب أن يوالي رمي جميعه ، ولا يفرق ، ولهما فيه ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يعقداه معجلاً ، فيلزم رمي جميعه في يوم عقده ، ولا يجوز لأحدهما تأخيره ، إلا من عذر يمنع من الرمي من مرض بالرامي أو مطر أو ريح يفسد آلة الرمي ، فإن أخراه عن يومهم عن تراض ، فهو انظار لا يفسد به العقد على القولين معاً .
والثاني : أن يعقداه مؤجلاً في يوم مسمى جعلاه وقتاً للرمي ، ففي العقد وجهان :
أحدهما : باطل ؛ لأنه عقد على عين شرط فيه تأخير القبض .
والوجه الثاني : صحيح ، لأمرين :
أحدهما : لأن العمل فيه مضمون في الذمة .
والثاني : أن عقده أوسع حكماً مما عداه ، فعلى هذا يكون الأصل هو المستحق فيه الرمي ، لا يقدم قبله ، ولا يؤخر بعده ، فإن أراد أحدهما تقديمه أو تأخيره ، وامتنع منه صاحبه ، كان محمولاً على القولين ، وإن اتفقا على تقديمه أو تأخيره من غير فسخ جاز على القولين معاً ، ولو بدر أحدهما ، فرمي قبل حلول الأجل لم يحتسب له بصوابه ، ولم يحتسب عليه بخطئه ؛ لأنه رمي لم يقتضيه العقد .
والثالث : أن يعقداه مطلقاً لا يشترطا فيه حلولاً ، ولا تأجيلاً ، فيقتضي إطلاقه الحلول ؛ لأن الأجل في العقد لا يثبت إلا بشرطه .
أحدها : أن يشترطا فيه ما يمكن ، وهو أن يجعلا في كل يوم رمي أرشاق معلومة يتسع اليوم لرميها من غير إرهاق ، فهذا جائز ، ويختص كل يومٍ رمي ما سمي فيه ، ولا يلزم الزيادة عليه ، ولا النقصان منه ، وليس هذا بتأجيل يخرج على الوجهين ، وإنما هو تقدير الرمي في زمانه ، فصح وجهاً واحداً .
والقسم الثاني : أن يشترطا ما يمتنع ، وهو رمي جميع الأرشاق في يوم واحد ، وهو يضيق عن جميعها فهذا باطل ، لامتناعه ، ويكون العقد به باطلاً .
والقسم الثالث : أن يكون العقد مطلقاً لا يشترطا فيه تقدير الرمي ، فيلزم فيه أن يرميا في كل يوم ما اتسع له بحسب طول النهار وقصره ، ولا يلزم الرمي في الليل